ترأس معالي الدكتور / نزار بن عبيد مدني وزير الدولة للشئون الخارجية وفد المملكة العربية السعودية في إجتماعات المجلس الوزاري الخليجي الاوروبي في دورته الـ 20 والتي اختتمت اعمالها يوم امس الاثنين 2/7/ 1431هـ الموافق 14/6/2010م في لوكسمبورغ ، وقد شارك ضمن وفد المملكة معالي المهندس / عبدالله بن يحيى المعلمي سفير خادم الحرمن الشريفين لدى مملكة بلجيكا ودوقية اللوكسمبورغ ورئيس بعثتها لدى الاتحاد الاوروبي واعتمد المجلس الوزاري المشترك في ختام أعماله برنامج العمل المشترك بين الطرفين والذي تم إقراره في الاجتماعات التي جرت في مدينة الرياض يومي التاسع و العاشر من شهر فبراير الماضي ، وترأس الوفد الوزاري الخليجي الشيخ / محمد صباح السالم الصباح نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الكويتي ومن الجانب الأوروبي الممثل الأعلى للسياسة الخارجية الأوروبية السيدة / كاثرين اشتون. وقد جرت المحادثات في مناخ ودي وبناء عكس متانة العلاقات بين الجانبين . وأشار البيان المشترك الصادر عقب اللقاء ان اعتماد خطة العمل المشتركة يعكس طموحات أكيدة لتعزيز التعاون في العديد من المجالات ذات المصالح المشتركة وتتضمن التعاون في القطاعات الاقتصادية والمالية والنقدية والاستثمارات والتجارة والطاقة والبيئة والنقل والصناعة والاتصالات وتقنية المعلومات والتربية والبحث العلمي والثقافة والتفاهم المشترك ، ودعا الطرفان إلى تنفيذ فعلي لهذه المقررات خلال فترة تمتد لثلاث سنوات ،وأكد الطرفان على استمرار الحوار الثنائي بشان الاقتصاد الشامل ، ورحبا بعقد لقاء اقتصادي جديد في بروكسل في المستقبل القريب واستمرار التشاور لاستكمال إرساء منطقة للتبادل الحر وبحث الطرفان عددا من القضايا الدولية والإقليمية وشددا على الإرادة المشتركة لمواصلة الجوار السياسي ضمن إطار الاحترام المتبادل والتوصل إلى حلول مشتركة للتحديات المشتركة التي تواجه مجاليهما استنادا على احترام تام للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة ومقررات مجلس الأمن الدولي ، ورحبا بجهود دولة قطر في هذا الإطار لحل عدد من المسائل الإقليمية العالقة مثل الموقف في دارفور و الخلاف بين ارتريا وجيبوتي ،وأدان الطرفان استعمال القوة خلال العلمية العسكرية الإسرائيلية على قطاع أسطول الحرية يوم 31 مايو الماضي ودعا الطرفان إلى إرساء لجنة تحقيق ذات مصداقية وتتحلى بالشفافية ومستقلة في أسرع وقت حول ذلك كما أعربا عن القلق العميق تجاه الوضع الإنساني في غزة وشددا على ضرة فتح سريع وفعلي وغير مشروط لكافة معابر القطاع وأشار الطرفان إلى أهمية إرساء السلام في الشرق الأوسط وشددا على إن بسط السلام يجب ان يتم عبر مفاوضات تأخذ بعين الاعتبار المرجعيات السابقة للعملية السلمية وتؤدي إلى إقامة حل الدولتين ، وجدد الطرفان دعمها لمبادرة السلام العربية واعتبرا ان السلام في الشرق الأوسط يعد حيوياً للأمن والاستقرار الدوليين ، وأكد الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون لدول الخليج رفضهما لأي تغيير على حدود عام 1967 واعتبرا إن مدينة القدس يجب ان تكون عاصمة لدولتين جنبا إلى جنب. كما أشارا إلى خطورة أنشطة الاستيطان الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، وتطرق الجانبان الى عدد من الملفات الدولية والإقليمية ورحبا الطرفان بالانتخابات العراقية الأخيرة واعبرا عن الأمل في ان يتم تشكيل حكومة عراقية مستقرة وبعيدة عن أي تدخل أجنبي، ودعا الطرفان إيران إلى التعاون التام مع قرارات مجلس الأمن والوكالة الدولية للطاقة الذرية بشان برنامجها النووي وأعلنا دعمهما للجهود المبذولة لبلورة حل عبر التفاوض ،وأبديا تأييدهما لجهود الممثل الأعلى للسياسة الخارجية الأوروبية في عرضها للتفاوض مع إيران ،ورحب الطرفان بعودة الهدوء على المناطق الحدودية بين المملكة العربية السعودية و الجمهورية اليمنية و أكدا دعمهما لكافة الجهود الهادفة لضمان وحدة واستقرار اليمن وشدد الطرفان على أهمية الحوار بين الحضارات وأتباع الديانات المختلفة ، ورجب الطرفان بالمبادرة الهامة لخادم الحرمين الشريفين للحوار بين أتباع الديانات المختلفة ورحبا باللقاءات التحضيرية التي جرت في مكة المكرمة ومدريد ونيورك في إطار هذه المبادرة ، واتفق الطرفان على عقد الاجتماع الوزاري الأوروبي الخليجي المقبل في دولة الإمارات العربية المتحدة العام القادم وفي مداخلته امام الدورة للعشرين للمجلس الوزاري المشترك الخليجي الأوروبي أكد معالي الدكتور / نزار مدني وزير الدولة للشؤون الخارجية في المملكة العربية السعودية ان الصراع العربي الإسرائيلي لا يزال يمثل التهديد الأكثر جدية للسلام والأمن في الشرق الأوسط و ودون شك في مجمل أنحاء العالم وقال إن هذا الصراع القائم منذ سبعة عقود من الزمن لا يزال يؤثر بشكل خطير وسلبي على مجمل المنطقة بسبب ما سببه من انحراف واضح على مبادئ الشرعية الدولية وأسس القانون الدولي وانه لا يمكن حله سوى بإقرار العدالة الدولية ومبادئ القانون وان أي محاولة لفرض لحل تسوية مؤقتة أو جزئيةلايمكنها إلا إن تتسبب في استمرار معاناة شعبي الطرفين وأكد معاليه ان الأطراف العربية وبما فيها الفلسطينيون قدموا ما فيه الكفاية لإرساء السلام وان مبادرة السلام العربية التي لا تزال قائمة تمثل مقترحا جماعيا لإنهاء الصراع مع إسرائيل وتضمن التوصل الى سلام يضمن امن والاعتراف وتطبيع العلاقات بين كافة دول المنطقة وأكد معاليه انه لا يمكن إقامة السلام طالما تستمر إسرائيل في ارتكاب مذابحها وتنفيذ عمليات القصف ضد الشعب الفلسطيني وان السلام لا يمكن تحقيقه عبر مفاوضات تخوض في كل شيء باستثناء جوهر الصراع ، وان السلام لا يمكن ان يتحقق من خلال استمرار فرض عقوبات وشروط على الشعب القابع تحت الاحتلال فيما تتمتع إسرائيل بالمناعة ولا تتعرض لأية محاسبة جراء انتهاكاتها لأسس ومبادئ القانون الدولي ، وانه لا يمكن الاستمرار في سياسة المعايير المزدوجة وانه حان الوقت للعالم العربي وأوروبا بان يتحركا بشكل موحد ومن خلال الآليات الدولية المتاحة للتأكيد على ان أية اختراقات للشرعية والقانون الدولي لا يمكن أن تضل بدون تبعات.، وأشار معالي الدكتور / مدنى الى ان أسوأ وأخطر ظاهرتين عايشهما المجتمع الدولي في السنوات القليلة الماضية هما ظاهرة الإرهاب وبروز مقولة الصدام بين الحضارات، ولعله من المهم ملاحظة وجود علاقة سببية وثيقة بين هاتين الظاهرتين ، فظاهرة الإرهاب التي عمت أرجاء العالم كافة وما صاحبها من إحتقان شديد بين مختلف المجتمعات أدت بدورها إلى تنامي مشاعر الكره بين الثقافات والعداء بين الديانات. واشار الى انه كان لابد أمام هذا التطور المؤسف أن يكون للحكمة والعقلانية والإدراك الواعي للأمور دور مهم وأساسي في التصدي لهذه الظاهرة وما تحمله من أفكار متطرفة ونوايا شريرة منافية للطبيعة الإنسانية المجبولة أصلاً على الخير والنابذة للشر بكل أصنافه وأشكاله، وهو ما أجمعت عليه كافة المبادئ والمثل العليا التي جاءت بها الأديان والمعتقدات الإنسانية ، واضاف انه وفي هذا الإطار فإن دولنا في مجلس التعاون كانت سباقة في بذل أقصى الجهود للتصدي لهذه الظاهرة والحد من تناميها، ولم يقتصر دور دول مجلس التعاون على الترحيب والتأييد للنتائج الملموسة التي أسفرت عنها المبادرات والجهود الدولية المبذولة في هذا الشأن والتي عبرت عن نفسها في المؤتمرات التي عقدت في كل من مدريد وإسطنبول والدوحة في خلال العامين المنصرمين ومؤخراً في البرازيل، بل إنها تجاوزت مرحلة التأييد والترحيب إلى مرحلة الإسهام المباشر في طرح مشاريع ومبادرات تركز على أهمية الحوار، وإحترام جميع الأديان والثقافات، وضرورة التعايش السلمي بينها، ونبذ كافة أشكال الكراهية والتعصب والعنصرية ، وقال معاليه انه ومن هذا المنطلق جاءت مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحوار بين الديانات والثقافات ساعية إلى الإستجابة لحاجة المجتمعات الإنسانية الماسة إلى تطوير التعاون فيما بينها، وإشاعة ثقافة الحوار والسلام والوئام، والتصدي لكل عوامل الفرقة والصدام، بما يخدم أمن وإستقرار البشرية، خاصة وأن جميع الأديان والمعتقدات الإنسانية جاءت أصلاً لصنع السلام بين البشر وليس لإثارة النزاعات والصراعات، وللتأكيد على أن ما يجمع بينها من قيم إنسانية مشتركة ومبادئ نبيلة أكثر مما يُفرِّق ، واشار الى ان هذه المبادرة الخيرة قد انطلقت بالفعل من مؤتمر مكة المكرمة لعلماء المسلمين، ووصلت إلى محطة هامة في مؤتمر مدريد العالمي الذي جمع بين ممثلي الديانات والثقافات الإنسانية المعتبرة من مختلف أرجاء العالم لتواصل مسيرتها بعد ذلك صوب الأمم المتحدة، الأمر الذي مكّنها من أن تحظى بإهتمام ودعم دوليين كبيرين من الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو الدعم الذي سيمكنها بمشيئة الله من إكمال مسيرتها بنفس القوة والزخم وفق إطار مؤسسي وعلى ضوء المبادئ المتفق عليها في مؤتمر مدريد ، واكد معاليه ان الجهود المبذولة حالياً والرامية إلى تحقيق مبادرة خادم الحرمين الشريفين تسعى لأهدافها السامية ومراميها الخيرة ، و تسعى هذه الجهود إلى تأسيس لجنة دائمة أو مركز عالمي للحوار يضم في عضويته ممثلين لكافة الديانات والثقافات المعتبرة الذين شاركوا في مؤتمر مدريد، وأطّروا للوثيقة الهامة للمبادئ الأخلاقية والإنسانية التي تجمع فيما بينها، والعمل على نشرها وتكريسها بين كافة شعوب العالم وقد تكفل خادم الحرمين الشريفين بتأسيس وقفية لتمويل أعمال هذا المركز لتمكينه من القيام بمهامه باستقلالية وشفافية دونما أي تدخل أو تسييس لأعماله واستشعارا لأهمية الدور الأوروبي في ترسيخ مبادئ الحوار والتعاون والتآلف بين مختلف الديانات والثقافات فقد تم الاتفاق على أن تستضيف العاصمة النمساوية فيينا هذا المركز الذي نأمل جميعاً أن يكون من شأنه تحقيق الوئام والسلام والازدهار لشعوب العالم بكافة دياناتهم ومعتقداتهم وثقافاتهم.