بتاريخ 28 سبتمبر، أصدر الكونغرس الأميركي مشروع قانون العدالة ضد رعاة  الإرهاب  (JASTA)  من خلال تصويت الحزبين، بالرغم من الاحتجاجات القوية من قبل الرئيس أوباما ومسؤولي الأمن القومي الأمريكي والخبراء والاتحاد الأوروبي والعديد من الحكومات الأجنبية وكبار رجال الأعمال. وإستعمل الرئيس أوباما صلاحياته باستخدام حق النقض ضد مشروع القانون، ولكن ولأول مرة في إدارته، تجاهل الكونغرس الفيتو الرئاسي.

 

تم تصور مشروع القانون، في سياق  الهجمات الإرهابية المروعة  بتاريخ 9/11 ضد الولايات المتحدة، والتي أدانتها مملكتنا بشدة في عدة مناسبات. يفتح القانون المجال لدعاوى قضائية ضد أي بلد وموظفيها، ويفشل في توقع نتيجة غير مقصودة وهي تقويض النظام القانوني العالمي والعلاقات الدولية.

 

يجرد هذا القانون بلدان أخرى من حصانتهم  السيادية في الولايات المتحدة، مما يعرضهم لدعاوى قضائية خاصة في المحاكم الأمريكية، وعلى هذا النحو، فإن إقرارهذا القانون بمثابة  قضية عالمية ينبغي أن تكون موضع اهتمام كل بلد، بسبب التعدي على المبادئ الأساسية للقانون الدولي. وأصبحت النتائج المباشرة لمشروع القانون واضحة. فإن التشريع المثير للجدل سوف يضع وبدون شك عبئا على العلاقات الثنائية بين الدول وكذلك على النظام الدولي.

 

وبدلاً من الاعتماد على المتخصصين في مجال الأمن الوطني والسياسة الخارجية والاستخبارات لتحديد فيما إذا كانت دولة ترعى الإرهاب، فإن هذا القانون يُسلم بشكل فعلي هذه المسؤولية الهامة الى متقاضين خاصين وهيئة المحلفين المكونة من مواطنين أمريكيين ومحاكم أمريكية، قد يختلقوا قضايا مبنية على أدلة أو إتهامات لا أساس لها من الصحة.

 

يجب أن نسأل أنفسنا فيما إذا كنا على استعداد لفتح " صندوق باندورا" والمخاطرة بزعزعة التعاون الدولي في مجال مكافحة الإرهاب، هذه ليست كما يُعتقد، وجهة نظر منعزلة وفريدة من نوعها للمملكة العربية السعودية، بل وقد برز تأييد واسع النطاق لصالح تعديل مشروع هذا القانون لمعالجة     " عواقب وخيمة غير متوقعة". كما أعربت عدة أصوات في المجتمع الدولي، وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي  والمنظمات الدولية الأخرى، التي تمثل ما يقرب من 90 دولة عن رأيها ضد هذا القانون، ويحذرون من التعرض للحصانة السيادية ويشجبون مشروع القانون بسبب احتمال إلحاق الضرر بالثقة المتبادلة  بين الدول والتأثير سلبا على كل مجالات التعاون الدولي.

 

في شهر أكتوبر، نشرت إدارة البحوث البرلمانية الأوروبية ملخص تحليلي يؤكد العديد من النقاط الهامة المتعلقة بعواقب هذا القانون غير المتوقعة بالنسبة للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وبهدف الحد من نطاق هذا القانون وعواقبه غير المقصودة بعيدة المدى، يتعين على الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه، النظر في اتخاذ إجراءات دبلوماسية وبرلمانية لإقناع الكونغرس بتعديل أو إلغاء القانون، وبشكل أكثر تحديدا  يمكن للاتحاد الأوروبي، الذي أعرب عن تحفظه حول مشروع القانون قبل اعتماده، حث الكونغرس الأمريكي على إستعادة قانون الحصانات السيادية الأجنبية التي ألغاها القانون.

 

يعتبر الجدول الزمني لاجراء هذا التغيير من قبل الكونجرس ضيق، ودون نداءات موثوقة بهدف التغيير سوف يستمر مشروع القانون في تعريض نظام القانوني العالمي والعلاقات الدولية للخطر، ويحدونا الأمل في أن تسود الحكمة وأن الكونغرس سوف يتخذ الخطوات اللازمة لتصحيح هذا التشريع للحد من نطاقه وتجنب العواقب غير المقصودة الخطيرة التي قد تترتب على ذلك.