October 01, 2015

كلمة المملكة العربية السعودية في الدورة السبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة

في

نيويورك

17 ذو الحجة 1436 هـ الموافق 1 اكتوبر 2015 م

بسم الله الرحمن الرحيم

السيد رئيس الجمعية العامة

معالي الأمين العام للأمم المتحدة

السيدات والسادة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نجتمع اليوم بعد مضي 70 عاماً على انشاء منظمتنا، ونستذكر سوياً أهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة الذى كانت المملكة أحد الدول الموقعة والمؤسسة له في العام 1945م.

وجميعنا يدرك أن الأمم المتحدة قد خرجت الى الوجود على خلفية حربين عالميتين كانت لهما كلفة مادية وبشرية باهظة، بما يكفي ليجعلنا على قناعة بأهمية الإلتزام بمبادئ وثـيـقـتـنا التي تهدف في الأساس لتحقيق أمن واستقرار عالمنا، ومنع أي حروب وصراعات مدمرة جديدة. وأهم ما يجب أن نستذكره هنا هو هدف الحفاظ على الأمن والسلم الدوليـين، الذي لا يمكن أن نصل إليه إلا بتحقيق العدالة والمساواة لشعوبنا ودولنا واحترام مباديء واحكام القانون الدولي، خاصة مبدأ احترام سيادة الدول الذي وضعت قواعدها معاهدة وستفاليا لعام 1648م والتي أقرت استقلال وسيادة الدول ووضعت أسس النظام الدولي المعاصر.

السيد الرئيس ،،،

إن القضية الفلسطينية تشكل بنداً دائماً في جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، رغم كل الأفكار والمبادرات التي جرى طرحها حتى الآن، مما ترتب عليه استمرار معاناة الشعب الفلسطيني، الذي مازال محروماً من حقه في العيش بكرامة، في تحدٍ سافر لمبادئ القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.

أننا اليوم في أمس الحاجة لإيجاد حل للنزاع العربي الاسرائيلي، يستند إلى قرارات مجلس الأمن ومبادرة السلام العربية التي تقدمت بها بلادي قبل اكثر من ثلاثة عشر عاماً، وتبناها العالمان العربي والاسلامي، وحظيت بتأيـيد واسع من المجتمع الدولي، وذلك للوصول إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

ولا بد لنا في هذا المجال من تجديد استنكارنا للانتهاكات الاسرائيلية المستمرة لحرمة المسجد الأقصى الشريف، في سياسات تهدف إلى تقسيمه زمانياً ومكانياً، الأمر الذي يشكل تصعيداً خطيراً في النزاع، ويغذي العنف والتطرف في العالم.

السيد الرئيس ،،،

تدخل الأزمة السورية عامها الخامس، ومازال المجتمع الدولي عاجز عن اتخاذ القرارات الحاسمة لإنقاذ الشعب السوري من آلة القتل والتدمير والتهجير التي يستخدمها بشار الأسد، والتي أدت إلى قتل أكثر من ثلاثمائة ألف ، وتشريد أكثر من اثنى عشر مليون سوري، وتدمير البلاد في اكبر كارثة انسانية شهدها تاريخنا المعاصر.

أننا نرى أنه لا سبيل لإنهاء هذه الازمة إلا من خلال حل سياسي، يقوم على أعلان (جنيف1) الرامي إلى الحفاظ على وحدة سوريا الوطنية والاقليمية، والحفاظ على مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية، وتشكيل مجلس انتقالي للحكم، لا مكان فيه لبشار الأسد او من تلطخت أيديهم بدماء الشعب السوري. أن بلادي سوف تستمر في الدفع نحو هذا الحل، كما أنها سوف تظل في مقدمة الدول الداعمة للشعب السوري لتلبية احتياجاته الإنسانية والتخفيف من معاناته.

السيد الرئيس ،،،

لقد حققت قوات التحالف لدعم الشرعية في اليمن انجازات كبيرة في تحرير مناطق عديدة من قبضة المتمردين ومنها مدينة عدن مما سمح للحكومة الشرعية أن تعود إلى اليمن . وآخر هذه الانجازات إحكام السيطرة على باب المندب، يوم أمس، والذي يضمن حرية الملاحة الدولية.

لقد كان الخيار العسكري اخر خيار للمملكة ودول التحالف وجاء بعد الانقلاب الذي قامت به قوات (الحوثي – صالح)، واستيلائها على البلاد وحصارها لقصر الرئاسة في عدن، وتهديد الرئيس الشرعي ، وقد جاء التدخل العسكري بناءً على طلب من الحكومة الشرعية في اليمن بموجب المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة.

إن هدف العمليات العسكرية في اليمن هو الحد من خطر المليشيات وحماية حدودنا، وإيجاد حل سياسي مبني على المبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني، وقرار مجلس الامن رقم 2216. ومع اقرارنا بأن الحوثيين يشكلون جزءاً من النسيج الاجتماعي في اليمن، إلا أن ذلك لا يعطيهم الحق في وضع مميز أو امتلاك مليشيات خارج اطار الدولة اليمنية وعلى حساب بقية مكونات الشعب اليمني.

السيد الرئيس ،،،

أن هناك اطرافاً تحاول تصعيد الازمة في اليمن عبر التحريض ومحاولة تهريب السلاح للمتمردين. فعلى سبيل المثال: في يوم السبت 26 سبتمبر 2015م تم إيقاف باخرة ايرانية بموجب آلية التفتيش المنصوص عليها في قرار مجلس الامن (2216) محملة بالسلاح متجهة للمتمردين، وهذه ليست الحالة الوحيدة لتهريب السلاح للمتمردين من قبل إيران.

وفي الوقت الحالي تقوم المملكة ودول التحالف بتكثيف التنسيق مع المنظمات الدولية من أجل تقديم وإيصال المساعدات الانسانية لليمن. ويقوم مركز الملك سلمان للاغاثة والاعمال الانسانية بدور كبير في تقديم المساعدات للشعب اليمني الشقيق مباشرة، أو عبر المنظمات الاغاثية الدولية . كما أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله بتصحيح أوضاع اليمنيين المتواجدين في المملكة بشكل غير قانوني، لتمكينهم من العمل، والاستفادة من الرعاية الطبية والتعليمية.

السيد الرئيس ،،،

انطلاقاً من حرص المملكة على تحقيق مقاصد ميثاق الأمم المتحدة في الحفاظ على أمن وسلامة شعوب العالم، فقد كانت ومازالت في طليعة الدول الداعمة لجعل الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية وكافة أسلحة الدمار الشامل، وهذا ما دفع بها الى الترحيب بأي جهد يحقق هذا الهدف، بما في ذلك الاتفاق الذي توصلت اليه مجموعة (5+1) مع جمهورية ايران الاسلامية، الذي يمنع إيران من الحصول على السلاح النووي.

إننا نأمل بعد التوصل لهذا الاتفاق، أن تتخلى إيران عن تدخلاتها السلبية في شئون الدول العربية، والتي سنتصدى لها بحزم. وفي نفس الوقت فإن بلادي تؤكد حرصها على السعي لبناء أفضل العلاقات مع إيران والمبنية على حسن الجوار، والاحترام المتبادل، وعدم التدخل في شئون دول المنطقة. وفي هذا الصدد تجدد المملكة مطالبتها لإيران بإنهاء احتلالها للجزر الثلاث التابعة لدولة الامارات العربية المتحدة الشقيقة.

السيد الرئيس ،،،

أن أهم ما يجب التأكيد عليه في سياق مواجهتنا لتحدي الارهاب والتطرف هو ادراك أن ليس هناك من هو بعيد عن نتائج هذه الظاهرة الخطيرة التي لا يجب ربطها بدين أو ثقافة أو عرق معين. فكلنا هدف له وجميعنا عرضة لمخاطره. والمملكة العربية السعودية من الدول التي استهدف الارهاب اراضيها ومواطنيها، ولا تزال في مواجهة مستمرة معه، تؤكد تصميمها على اجتثاث هذه الظاهرة من جذورها. أن بلادي في مقدمة الدول التي تكافح الارهاب من كافة جوانبه الأمنية والفكرية وتجفيف موارده المالية. أننا وفي هذا الصدد نستنكر بشده محاولة الارهابيين الصاق جرائمهم بالاسلام، بينما يدعو الأسلام إلى المحبة والسلام والتسامح والاعتدال.

السيد الرئيس ،،،

إن المملكة العربية السعودية تولي أهمية كبرى لقضايا التنمية ودعم جهودها في الدول النامية. وفي اعتقادنا فإن نجاح عملية التنمية مرهون باحترام المجتمع الدولي للخصوصية التاريخية والإرث الديني والثقافي السائد في البلدان المختلفة، وهذا يعني أن تحقيق التنمية المستدامة لا بد أن يكون مرتبطاً بالاهداف الخاصة لكل دولة ومستوى نموها ونهضتها الراهنة. وهذا ما حدا بالمملكة للحرص على أن يكون لها مساهمة فاعلة ومباشرة في صياغة وبلورة الاهداف الانمائية للألفية.

وختاماً أود التأكيد على أن المتغيرات في عالمنا المعاصر، والتحديات التي نواجهها (امنياً واقتصادياً وفكرياً وبيئياً وصحياً .. وغيرها ) تفرض علينا تعزيز دور الأمم المتحدة وتفعيل مؤسساتها، والدفع بالجهود الرامية إلى اصلاح منظمتنا الدولية، بما يمكنها من مواكبة المستجدات على الساحة الدولية.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،