​يكون حب الوطن من الإيمان مادام المواطن متمسكا بقيم ومبادئ تقوم على أسس متينة من الارتباط الوثيق بأرضه ووطنه ، والعيد الوطني الذي يحتفل أشقاؤنا الأعزاء في السلطنة بذكراه الثانية والأربعين في ذكرى ميلاد جلالة السلطان قابوس – حفظه الله ورعاه - هو مناسبة تحفل بالمعاني والدلالات العميقة ، التي تعبر عن علاقة قائد وعد فأوفى ومواطن شعر بالوفاء فصدقت مشاعره في التعبير عن ولائه لقائده الذي استطاع أن يعبُرَ به تحديات العصر، وأن يضع العالم أمام تجربة نهضوية مبهرة من حيث حجم التطور التدريجي والمدروس ، وترسيخ دولة المؤسسات وسيادة القانون ، لتعم عُمانَ وشعبَها الطيبَ وكلَّ من يقيم على أرضها الطيبة نعمة الأمن والأمان والاستقرار في هذا العهد الزاهر نتيجة السياسة المتزنة التي تنتهجها السلطنة على الصعيدين الداخلي والخارجي والتي تقوم على الإخاء والحوار والمصالح المشتركة بما يخدم شعبها والشعوب الأخرى ، مما جعلها تتبوأ مكانة رفيعة في مصاف الدول التي سبقتها على طريق الحضارة .
إن ذكرى الثامن عشر من نوفمبر التي يحتفل بها العمانيون الآن هي محطة من محطات الفخر يسترجعون فيها الأمس وينظرون فيها إلى الغد الذي سيكون بإذن الله أكثر رخاء وازدهارا وبناء واستقرارا .
لقد تابعت عن قرب مسيرة النهضة العمانية في زيارات امتدت للعديد من ولايات السلطنة من سهل الباطنة إلى محافظة ظفار إلى المنطقة الشرقية إلى محافظة مسندم ، فرأيتها نهضة توائم بين الأصالة والمعاصرة ، بين القديم والحديث  في تناسق والتئام عزز من قوة النهضة العمانية  ، وأعطاها مداها واتساعها وقوَّى بنيانها لتكون أكثر استيعاباً لمنجزات الحضارة وفي نفس الوقت أقدَر استلهاماً لقيم التراث ، تلك النهضة التي كان هدفها الأول والأسمى الإنسان العماني فاستطاعت أن تحقق الكثير وأن تنفتح على العالم للاستفادة من تجاربه الناجحة . وما نشاهده الآن من مشروعات التنمية الضخمة التي شملت جميع الولايات العمانية من طرق حديثة تمتد لآلاف الكيلومترات وموانئ ومطارات ومناطق صناعية ومناطق حرة، وصناعات ثقيلة ، لخير شاهد على ذلك - رغم صعوبة التضاريس والمساحات المترامية لأراضي السلطنة التي تجمع بين المناطق الساحلية والجبلية وبين السهول والمناطق الصحراوية  -  كل ذلك لم يَحُلْ دون تنفيذ تلك المشروعات - التي يحق للعمانيين أن يفخروا بها .

 

إن ما يلفت انتباه من يزور عُمان أو يقيم فيها هو حفاظ العمانيين على تميز شخصيتهم وتمسكهم بالعادات والتقاليد والتراث انطلاقا من مبادئ راسخة من التسامح والترابط والتكامل .
فتحية لعمان قيادة وحكومة وشعبا بهذه المناسبة العزيزة على قلب كل سعودي وعلى قلب كل عربي بشكل عام كما هي محل اعتزاز الشعب العماني .. وهنيئا له بهذا القائد صاحب الأسلوب الرفيع والواقعي في القيادة الذي آمن بقدرات شعبه فعزمَ وتوكَّل، ووعد فأدَّي ووفَّي، فاستطاع أن يجعل من عمان خلال هذه الفترة الوجيزة من عمر الزمن دولة عصرية وفق أسس راسخة تقوم على المواءمة بين الأصالة والمعاصرة ، وواحة للمحبة والسلام تحظى بتقدير واحترام العالم أجمع .

 

وختاما ، وبالأصالة عن نفسي ونيابة عن كل سعودي أتشرف بأن أرفع أسمى آيات التهاني وأعظم وأَجلَّ عبارات الأماني للمقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله - ولكل أبناء الشعب العماني الشقيق الذي حصد ثمار تلك الأعوام  من العمل والجد والاجتهاد عبر تلك المسيرة الفذة التي استنهضت الهمم وأحيت أمجاد ماضي عمان وحققت الانطلاق بكل قوة نحو آفاق المستقبل ، سائلا المولى عزَّ وجلَّ أن يحفظ جلالته قائدا عزيزا ، وأن يحفظ عُمان شامخة آمنة مطمئنة ، وأن يُديم عليها نعمة الأمن والسلام ، وأن يُيَسِّرَ لها أمور التقدم والرفعة والمجد .. وكل عام والجميع بخير .