أولا: الجانب الجغرافي والتاريخي

  •  تقع جمهورية إندونيسيا في جنوب شرق آسيا وأوقيا نوس ويقدر عدد سكانها بحوالي 250 مليون نسمة. وتتقاسم إندونيسيا الحدود البرية مع بابوا غينيا الجديدة وتيمور الشرقية وماليزيا.  ويعتبر الأرخبيل الاندونيسي منطقة تجارية هامة على الأقل منذ القرن السابع الميلادي عندما قامت مملكة Sriwijaya في سومطرة الجنوبية بربط علاقات تجارية مع الصين والهند، اعتمد الحكم المحلي آنذاك على النماذج الثقافية والدينية الهندية واعتمدت السياسية على نماذج اوروبا في بداية القرن الميلادي وبناء على ازدهار الممالك الهندوسية والبوذية. تأثر التاريخ الإندونيسي بالقوى الأجنبية المهتمة بمواردها الطبيعية كما انتشر الإسلام بواسطة التجار المسلمين واحتكرت القوى الاوروبية تجارة التوابل في جزر مالوكو خلال عصر الاستكشافات. 
  • بعد ثلاثة قرون ونصف القرن من الاستعمار الهولندي حصلت إندونيسيا على استقلالها بعد الحرب العالمية الثانية. منذ ذلك الحين أصبح تاريخ اندونيسيا مضطربا مع التحديات التي تفرضها الكوارث الطبيعية، والفساد، والنزعة الانفصالية، وعملية التحول الديمقراطي، وفترات من التغيير الاقتصادي السريع. وإلى جانب العديد من الجزر تتكون اندونيسيا من مجموعات عرقية ولغوية ودينية متميزة، تعتبر الجاوية من المجموعات الأكبر والأكثر عرقية وهيمنة على الساحة السياسية والاقتصادية، وضعت اندونيسيا هوية مشتركة حددتها اللغة الوطنية، والتنوع الاثني، والتعددية الدينية في معظم سكانها الذين ينتمي غالبيتهم للإسلام ورفعت شعار إندونيسيا الوطنية "بينيكا تونغال إيكا" التي تعني ("الوحدة في التنوع"). بيد أن التوترات الطائفية والانفصالية أدت إلى مواجهات عنيفة واعاقة الى حد ما الاستقرار السياسي والاقتصادي.  

  • بالنسبة لمعظم فترات الاستعمار والسيطرة الهولندية على الأرخبيل كان الاستعمار ضعيفا خارج المناطق الساحلية وأستمر ذلك إلى أوائل القرن العشرين كما وضع الاحتلال الياباني خلال الحرب العالمية الثانية حدا للاستعمار الهولندي. وأعلن/ احمد سوكارنو الزعيم القومي الاستقلال بعد يومين من استسلام اليابان في أغسطس من العام 1945م وُعين رئيسا للبلاد. حاولت هولندا اعادة تأسيس حكمها لكن دون جدوى. وفى ديسمبر عام 1949م اعترفت هولندا رسميا باستقلال اندونيسيا بعد ضغوط دولية عليها.

 

ثانيا: الجانب السياسي

  •  انتقل النظام الديمقراطي في عهد الرئيس/ سوكارنو نحو الحكم الاستبدادي حيث حافظ على قاعدة قوية من خلال الموازنة بين القوات العسكرية المعارضة والحزب الشيوعي الإندونيسي. وكانت هنالك محاولة انقلاب في 30 سبتمبر عام 1965م تم التصدي لها بعنف من قبل الجيش حيث قاد الجيش حملات تطهير للمنتمين إلى الحزب الشيوعي الإندونيسي حيث لقي ما بين مليون وخمسمائة الف شخص مصرعهم في هذه العملية ، بعد ذلك ناور قائد الجيش الجنرال سوهارتو  لإضعاف الرئيس/ سوكارنو سياسيا وُعين رئيسا رسميا في مارس 1968م. وحصلت ادارة النظام الجديد الذي يترأسه/ سوهارتو على تأييد قوي من الولايات المتحدة الأمريكية ، وتدفقت الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى إندونيسيا والتي ُاعتبرت عاملا رئيسيا في النمو الاقتصادي الكبير خلال العقود الثلاثة الماضية ، ومع ذلك فإن سلطوية "النظام الجديد" كانت على نطاق واسع مع الاتهام بالفساد وقمع المعارضة السياسية كان هو الأمر السائد آنذاك ، كما ان اندونيسيا كانت من أكثر البلاد تضررا من الازمة المالية الآسيوية في عامي 1997 و 1998م. وهذا بدوره سبب سخطا شعبيا متزايدا ضد النظام الجديد وتولدت احتجاجات شعبية واسعة وبالتالي ادت الى استقالة الرئيس سوهارتو في يوم 21 مايو 1998م. 

  • في عام 1999م صوتت تيمور الشرقية لصالح الانفصال عن إندونيسيا بعد خمسة وعشرين عاما من استيلاء إندونيسيا عليها في العام 1975م الشيء الذي واجه ادانة دولية وذلك بسبب تعرض أبناء تيمور الشرقية لقمع القوات المسلحة الإندونيسية وخاصة القوات الخاصة، ولكن منذ استقالة الرئيس/سوهارتو وتعزيز الديمقراطية التي شملت تكريس نظام الحكم الذاتي الذي تمخض عنه اجراء أول انتخابات رئاسية مباشرة تم عقدها في عام 2004م.  

ثالثا: السياسة الخارجية الإندونيسية

  •  يعتبر مؤتمر التضامن الاسيوي -الافريقي في باندونج عام 1955م محطة رئيسية لدى المهتمين للسياسة الخارجية لجمهورية اندونيسيا.  وهكذا بجانب التظاهرة الدولية الكبيرة لقمة باندونج التي تعتبر احدى المداخل الرئيسية لدى اندونيسيا على الصعيد العالمي، وقد توهجت شعلة باندونج بسبب الشعارات التي رفعتها القمة آنذاك وتبنتها في سياساتها تجاه ظاهرة الاستقطاب الدولي حينذاك ومع تغير الظروف الدولية وانتهاء الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي ومع انهيار جدار برلين وتفكك امبراطورية الاتحاد السوفيتي فان شعلة (باندونغ) قد خبت الا ان التحرك الاندونيسي عبر المنظمة الاقليمية (الآسيان) يعتبر حجر الزاوية في سياستها الخارجية وكما هو معروف فان هذه المنظمة هي منظمة اقليمية للتعاون الاقتصادي والسياسي والامني بين دول المنطقة التي تضم (اندونيسيا ـ ماليزياـ سنغافورة ـ تايلاند ـ الفلبين ـ بروناي دار السلام ــ وميانمارـ وكمبوديا ــ وفيتنام ـ ولاوس).  كما حاولت إندونيســيا احياء روح باندونغ مجدداً من خلال استضافتها مؤتمر قمة للمؤتمر الآسيوي ــ الافريقي (مؤتمر باندونغ) يوم 19-24 أبريل 2015م. 

  • واندونيسيا عضو في منظمة التعاون الاسلامي وأنها ملتزمة بسياسات هذه المنظمة في التنسيق السياسي. وتؤمن اندونيسيا وتلتزم بميثاق الامم المتحدة نصا وروحا ولها مشاركات فعالة في الوكالات والمنظمات الدولية المتخصصة وقد حصلت عام 2007م على مقعد غير دائم في مجلس الأمن. كما تسعى حالياً للترشح من جديد على مقعد غير دائم في مجلس الأمن للفترة 2019-2020م.  

رابعاً: الجانب الاقتصادي

  •  تعتبر إندونيسيا في عداد الدول هامة التأثير السياسي والاقتصادي والثقافي في منطقة جنوب شرق آسيا، ويرجع ذلك إلى تجربتها في التنمية التي امتدت لأكثر من خمسين سنة والتي زخرت بالعديد من التفاعلات المحلية والإقليمية والدولية. فالاقتصاد الإندونيسي الذي تحول من اقتصاد زراعي خلال ستينيات القرن العشرين إلى اقتصاد صناعي في بداية التسعينيات إلى اقتصاد صناعي خدماتي منذ بداية الألفية الثالثة جعل منها رابع أكبر اقتصاد في آسيا بعد الصين واليابان وكوريا الجنوبية وسادس عشر اقتصاد في العالم.  وتكريساً على ما تقدم فقد أكد البنك المركز الإندونيسي بأن أوضاع الاقتصاد الوطني مستقرة ومن المحتمل أن يستمر هذ التقدم بشكل أفضل بدافع السياسات النقدية فى الفترة القادمة.

  • ومن المؤشرات التي تدل على ذلك ارتفاع النمو الاقتصادي الإندونيسي حسب توقعات أولية إلى 5,1% خلال عام 2016 بمعدل التضخم ما بين 3,1 إلى 3,2 % ونسبة العجز فى الموازنة العامة تتراوح ما بين 2,5 إلى 2,7 %، ومما يساعد على هذا الاستقرار هو نجاح برنامج الاصلاح الاقتصادي الذي يترأسه رئيس إندونيسيا جوكو ويدودو مباشرة من خلال ترشيد النفقات الحكومية وتطبيق الاعفاء الضريبي من أجل استرجاع الأموال من الخارج.

  • أما المقومات الطبيعية التي تعتبر إحدى دعائم الاقتصاد الإندونيسي فتتمثل في نسبة الغابات التي بلغت حوالي 60٪ من مساحة البلاد مما يجعلها من أكبر مصدري الخشب في العالم، وتنتج   خمس الإنتاج العالمي من القصدير والبوكسيت والذي يتواجد بجزيرة بانغكابيلتونغ وعلى الشواطئ الغربية كاليمانتان، أما البوكسيت في جزر رياو وكاليمانتان الغربية، وتتم معالجته في مصاهر الألمنيوم والتي هي الأولى في جنوب شرق آسيا، كذلك تحتوي على النيكل في سبلي بيس وهالماهيرا وجزر مالكو وبابوا. وتحتوي على الذهب في بابوا والنحاس في جبال جايا وجايا في بايوا والمنجنيز بجاوة الوسطى وسومطرة وكاليمانتان، كما تعتبر دولة متخصصة في إنتاج الفحم الحجري بحيث تعتبر من أكبر الدول المصدرة له في العالم.