أقيم تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نواف بن عبدالعزيز آل سعود سفير خادم الحرمين الشريفين في المملكة المتحدة، يوم الأحد الماضي في قاعة اكسيل في العاصمة لندن، حفل تخريج الدفعة الخامسة من طلاب وطالبات برنامج الملك عبدالله بن عبدالعزيز للابتعاث الخارجي في المملكة المتحدة للعام الدراسي ٢٠١٤ - ٢٠١٥.
افتتح الحفل بمسيرة أكثر من ٣٣٣٠ طالبا من الخريجين والخريجات بحضور صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نواف، والملحق الثقافي بسفارة خادم الحرمين الشريفين في لندن الدكتور فيصل بن محمد المهنا أبا الخيل، وعدد كبير من منسوبي السفارة، ومديري المكاتب السعودية، وجمع كبير من الآباء الذين أتوا من المملكة خصيصاً للاحتفال بنجاح أبنائهم.
كلمة سمو الامير
بسم الله الرحمن الرحيم القائل في محكم التنزيل " وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ"، صدق الله العظيم. والصلاة والسلام على معلم البشرية، سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أصحاب المعالي والسعادة،
ضيوفنا الكرام،
أبنائي الخريجين والخريجات،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
يسرني في البداية أن أقدم التهنئة لمعالي الدكتور عزام الدخيل على الثقة الملكية الكريمة وتعيينه وزيرا للتعليم وتمنياتي له بالتوفيق في خدمة هذا القطاع البالغ الأهمية في وطننا الغالي.
كما يسرني أن أشيد بالجهود التي بذلها وقدمها أصحاب المعالي الوزراء السابقون طيلة فترة عملهم وخدمتهم لهذا القطاع.
أيها الحضور الكرام،
نجتمع لنحتفل بتخريج الدفعة الخامسة من مبتعثي برنامج خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – طيب الله ثراه – وهنا أجد من واجبنا أن نتوقف ونتذكر ونستعيد ونتأمل ما قدمه – رحمه الله- من عمل جبار في خدمة الإنسان السعودي ، والنظرة الرؤيوية التي تعامل بها مع إعداده عقلاً منتجاً واعياً مدركا لمعنى مواطنته وإنتمائه ، مساهما في المحافظة على الإرث الجغرافي والحضاري والثقافي الذي ناضل من أجله المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن – طيب الله ثراه – ، وأرسى مداميك قوية ثابتة وشامخة في وحدة لم يوجد لها مثيلا في التاريخ العربي المعاصر حتى الآن .
والان تسلّم الأمانة رجلاً استثنائياً في تاريخ الوطن ، يحمل هم الإنسان، ويختزن رؤى وطموحات وفكر الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن ، طيب الله ثراه ، ويعطي للجغرافيا والتاريخ كل تضحياته وجهوده وتفكيره ، ليجعل هذا الوطن مؤثراً فاعلاً مشاركاً مساهماً في صياغة القرار الأممي.
نحن الآن نعيش مرحلة رجل حُكم بعيد النظر، حكيم القرار، يحمل هواجس وهموم الوطن والمواطن ، هو خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أحد تلامذة مدرسة عبدالعزيز والمساهم في إتخاذ القرار الشجاع والمتفوق منذ التأسيس وحتى وصوله لقمة القيادة السياسية ، حيث شارك – حفظه الله – في وضع الأسس التنموية للآرض والإنسان وأعطى أهمية خاصة لوعي وثقافة المواطن ، واتاحة كل الفرص لإكتساب تعليم يحرص على ثوابت الدين الحنيف وقيم المجتمع ويكون منفتحاً على قراءة مستجدات وتحولات العصر، متناغماً مع مفاهيم البشرية في التعامل مع أنماط الثقافات والأفكار التي تتلاق في هذا الفضاء البشري الكبير . ولإننا نعيش في هذه المرحلة يجب أن نتماهى مع طموحات الرجل القائد ، ونكون عوناً له في ترسية النقلة الحضارية التي يطمح لها ، ويسعى لتحقيقها. ولذا فإنه – حفظه الله – ركز في خطاباته على تنمية الإنسان والمحافظة على الوحدة الوطنية وتماسك النسيج الإجتماعي والمحافظة على موروث الجغرافيا والثقافة بروح الود والتفاهم والحوار وقبل كل ذلك ثوابت الدين الذي تتخذه المملكة دستورا لها .
أيها الحضور الكرام،
يتجلى اهتمام قيادتنا الرشيدة بالتعليم من خلال الميزانيات الضخمة المعتمدة لهذا القطاع وإقامة العديد من المشاريع التعليمية والزيادة في أعداد الجامعات، وآخرا وليس أخيرا إطلاق برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي الذي بدء مؤخرا مرحلته العاشرة.
أيها الحضور الكرام ... أبنائي وبناتي الطلبة،
إن اهتمام قيادتنا الرشيدة بقطاع التعليم وجعله شغلها الشاغل انما هو دليل يترجم رؤيتها الحكيمة للمستقبل الذي تنشده لأبناء وبنات المملكة وحرصها على الاستثمار الأمثل في الفرد السعودي باعتباره الثروة الأهم في وطننا العزيز من أجل بناء جيل قادر على ممارسة دوره في المحافظة على ريادة المملكة في مختلف المجالات.
كل هذه الأعمال وغيرها لقطاع التعليم انما هي ترجمة فعلية لمقولة الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن ، طيب الله ثراه، عن الركيزة الأساسية في تغير أحوال الأمم والشعوب إلى الأفضل، فقد قال رحمه الله "المدنية الصحيحة هي التقدم والرقي، والتقدم لا يكون إلا بالعلم والعمل"
فبناء المجتمع السعودي معرفيا وبشكل متكامل إنما يعتمد على رصيدنا من رأس المال البشري، والتعليم، كما هو معروف، الركن الأساس لنهضة الأمم والشعوب وشبابنا وشاباتنا هم بإذن الله عماد هذا الأساس في وطننا الغالي.
أبنائي وبناتي الطلبة،
إن هذه الجهود العظيمة لقيادتنا الحكيمة في مجال التعليم تتطلب تضافر جهودا أخرى من أجل ضمان نجاحها وتحقيق الأهداف المرجوة منها.
وأول هذه الجهود إنما هي جهودكم أنتم كمبتعثين من خلال الاستمرار في عنايتكم الفائقة بالبعثة والتعامل معها بجدية والحرص على التميز والتفوق في المجالات التي تدرسونها.
والحقيقة التي أفتخر بها، هي ما لمسته منكم خلال السنوات الماضية من جد ورغبة كبيرة في التحصيل العلمي المتميز للعودة والمشاركة بالمساهمة في رقي وطننا العزيز. هذا التميز كان الدافع لنا في السفارة لان نحتفي بالمتميزين منكم سنويا و بالتزامن مع احتفاءنا بيومنا الوطني.
وجهود نجاح بعثتكم لا يقتصر عليكم أنتم فقط، بل ان المطلوب مننا جميعا في السفارة وفي الملحقية ومني شخصيا كسفير لخادم الحرمين الشريفين في بريطانيا تقديم جهودا كبيرة نواكب من خلالها الجهود المباركة للقيادة الحكيمة من خلال تعزيز ترابطكم وتلاحمكم ورعايتكم وتوفير كل سبل الراحة لكم وتيسير كافة اجراءاتكم لتستطيعوا التركيز على الهدف السامي الذي تحملتوا الغربة من أجله: وهو العودة إلى الوطن بسلاح العلم من أجل مواصلة رفعته وتقدمه بين الأمم.
أبنائي وبناتي الطلبة،
إن عصر النهضة التعليمية التي نعيشها تتطلب أيضا توحدنا خلف حامل رايتها الأول: خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، حفظه الله، كما توحد أجدادكم خلف راية الموحد والمؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، طيب الله ثراه.
وهذه الوحدةَ تحققت بالاستعانةِ بالله تعالى أولاً، ثم بالتعاضد والتعاون والتكاتف. وأنتم لن تكونوا قادرين على حماية الوطن والرقي به إلا بالتعاضد والتعاون والتكاتف وتوحيد الصف والكلمة.
فعليكم الجد والاجتهاد والعمل الصادق، فالأوطان إنما تُبنى على أكتافِ أبنائها وبناتها الواعين المخلصين وهذا هو واجبكم اليوم: العمل على حماية هذا الوطن والرقي به في شتى المجالات، وأنتم بإذن الله خير من يقوم بهذا الواجب.
أبنائي وبناتي،
فخر ذويكم وسعادتي عظيمة برؤيتكم في يوم تخرجكم ورؤيتكم تقطفون ثمرة جدكم واجتهادكم بنجاح وتميز في مختلف المجالات العلمية ضمن الدفعة الخامسة من مبتعثي برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي.
وأود أن أقرنَ، مع تهنئتي الصادقة للخريجين والخريجات بتخرجهم، تهنئة إضافيةً خاصةً لتميُّز العديد منهم تميُّزاً باهراً تمثل في درجات الشرف والامتياز وبراءاتِ الاختراع التي أحرزوها في مجالاتٍ عديدة. فلا شك أن ما حققوه من إنجازاتٍ وتميُّزٍ ليس محل الابتهاج فحسب، وإنما هو سببٌ يُضاف إلى أسباب فخر وطنهم وقيادتهم وذويهم بهم.
كما أود، أن أدعو أبنائي وبناتي، الخريجين والخريجات، إلى الاستفادة من النشاطات التي ينطوي عليها برنامج يوم المهنة، والمعرض المصاحب له، والتي تجري على هامش احتفالنا المبارك هذا.
وأود أيضا أن أشكر الزملاء في الملحقية الثقافية، وجميع الجهات المشاركة في تنظيم وتنفيذ يوم ومعرض المهنة، لأنهم بجهودهم، في هذا المجال، أتاحوا الفرصة للجمع بين الخريجين وبين مجالات العمل الأكثر ملاءمة لهم ولمجالات تخصصهم العلمية.
أيها الحضور الكرام،
يسرني قبل الختام، أن أقدم صادقَ شكري وتقديري للمسؤولين والأكاديميين في جامعات المملكة المتحدة ومعاهدها العلمية، على ما قدموه لأبنائنا وبناتنا من دعم ومساندة، وما زودوهم به من علمٍ ومعرفة.
وأختم كلمتي هذه بسؤال الله، جل وعلا، أن يحفظ لنا بلادنا الغالية، أعزها الله، وقيادتنا الرشيدة، أيدها الله، وأن يديم علينا الأمن والأمان، ويجمعنا دائماً على الخير والحب والوئام، والسلام عليكم ورحمة الله .