رداً على الأسئلة التي وجهها محرر الموقع الإلكتروني للتلفزيون التشيكي ، سفير المملكة العربية السعودية لدى التشيك يقول:
" نأمل أن يكثف المجتمع الدولي الجهود لتحجيم دور إيران المزعزع لأمن المنطقة "
http://www.ceskatelevize.cz/ct24/svet/2479327-saudi-zizni-po-zmenach-zodpovedne-zeny-cekaji-prijemna-prekvapeni-tvrdi-saudsky
وفي التفاصيل ,كانت الاسئلة على النحو التالي :
1- كيف تقيّم الرياض الخطوة الأخيرة للرئيس الأمريكي والذي قرّر فيها الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران؟ وكيف تروْن الوضع عقب هذه الخطوة؟
· في الحقيقة، أودّ التنويه إلى أن المملكة عندما تم توقيع هذا الاتفاق، كانت من الدول التي باركته آملة أن يؤدي إلى تحقيق الأمن والاستقرار، إلا أنه مع مرور الوقت اتضحت لها النوايا الإيرانية المتمثلة في استغلالها للاتفاق كي تنفذ أجندتها الخارجية والعبث بأمن المنطقة. من هنا، فإن المملكة طالما نبهت المجتمع الدولي إلى الخطورة التي ينطوي عليها هذا الاتفاق من حيث أنه أتاح الفرصة بشكل أو بآخر للنظام الإيراني للمُضي قدماً في تطوير برنامجه الصاروخي الباليستي. طبعاً المملكة كانت تنبه لهذه الخطورة انطلاقاً من خبرتها الطويلة مع ممارسات النظام الإيراني التي كانت غالبا ما تتسم بالمراوغة وعدم الجدية من جانب، ومن جانب آخر ما هو ظاهر للعيان من إمداده للميليشيات الإرهابية كالحوثيين وحزب الله بصواريخ باليستية.
المملكة تنظر لهذا القرار بعين الارتياح لعدة أسباب أهمها أن هذا القرار المتضمن إعادة تفعيل العقوبات الاقتصادية على إيران، سيؤدي إلى الحد من بناء إيران لمنظومات السلاح الشامل ، كما أنه سيؤدي بالضرورة إلى اتخاذ مواقف حازمة من الدعم الذي تقدمه إيران للنشاطات الإرهابية في المنطقة، كما أن من شأنهتجفيف منابع الإرهاب، وتعزيز السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، ووقف الانتهاكات الإيرانية المستمرة لقرارات مجلس الأمن. نحن في المملكة نأمل أن يستمر الضغط الدولي على إيران في هذا الاتجاه وعدم إتاحة الفرصة لها للمماطلة واستغلال ذلك لتطوير قدراتها الصاروخية وحتى تعود سياستها إلى الرشد وتجنب ما من شأنه تهديد أمن المنطقة برمتها، وهنا أود أن أشيد حقيقة بالبيان الذي أصدرته وزارة الخارجية التشيكية عقب صدور القرار والذي وإن تضمن في شقه الأول توافق التشيك مع الموقف الأوروبي بالتحفظ على إلغاء الاتفاق، إلا أن الشق الثاني جاء إيجابياً من حيث التأكيد على أن التشيك تشاطر شركاءها القلق من البرنامج الصاروخي الباليستي الإيراني والأنشطة الأخرى التي لا تساهم في تحقيق الأمن والسلام في المنطقة.
2- بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية النووية مع إيران ازدادت حدة التوتر بين اسرائيل وإيران، حيث شهدت الفترة الأخيرة وقوع هجوم صاروخي إيراني أعقبهرد إسرائيلي، كما أن اسرائيل هاجمت في السابق مواقع أخرى للقواتالإيرانية في سوريا. حسب تقييمك سعادة السفير، هل ترى أن ذلك من الممكن أن يؤدي إلى حرب مفتوحة؟ وكيف سترد الرياض على ذلك؟
· إذا قرأنا الواقع قراءة أمينة ودقيقة، سنجد أن إيران قد تورطت منذ مدة في الحرب عبر وكلائها في المنطقة إن كان في اليمن أو سوريا. على كل حال، نحن في المملكة نرى أن هناك فرصاً حقيقية لإحلال الأمن والسلام في المنطقة ووقف التدخلات الإيرانية العابثة. هذه الفرص يمكن جداً أن تتوافر وتتحقق إذا تكاتف المجتمع الدولي في اتخاذ موقف موحد وحازم من هذه التدخلات. إننا على ثقة أن أفضل ضامن للسلام في المنطقة هو الضغط الدولي الذي إذا ما فٌعِّل، فإنه سيعيد إيران إلى رشدها ومن ثم الكف عن إشعال الصراعات والنزاعات الطائفية والمذهبية في المنطقة.
3- لعل اليمن هي من أبرز الأمثلة على الأماكن التي شهدت تصادماً سعودياً – إيرانياً بشكل غير مباشر، وكما تعلمون، فإن المملكة العربية السعودية تتعرض حاليا للانتقادات بسبب وقوع ضحايا من المدنيين نتيجة للقصف الجوي من قوات التحالف. فما هو الهدف الذي ترغبون بتحقيقه في هذا البلد؟
· اليمن هي بالنسبة إلى المملكة دولة شقيقة لها معها علاقات تاريخية واستراتيجية، والهدف الذي تسعى المملكة الى تحقيقه في اليمن هو الهدف المشروع للسلطة الشرعية والذي أكدته قرارات مجلس الأمن الدولي. فيما يتعلق بما يُثار حول استهداف المدنيين، فهذا بعيد عن الصحة تماماً حيث تحرص قوات التحالف على استهداف معاقل المتمردين على الشرعية وتتجنب المناطق الآهلة بالسكان. هناك بعض الأحيان التي يتعرض فيها المدنيون إلى الإصابة، هذا صحيح، ولكن هناك بالمقابل حقيقة تتعمد بعض المنصات الإعلامية المعادية إخفاءها وهي أن هذه الإصابات أحيانا تكون من قصف الحوثيين أو بسبب اختباء الحوثيين بين المدنيين واتخاذهم دروعاً بشرية أحياناً أخرى. من هنا، فإن السؤال يجب أن يوجه إلى المتمردين الحوثيين ومن ورائهم إيران التي تدعمهم عن حقيقة الأهداف التي يسعون إلى تحقيقها في هذا البلد الشقيق الذي أنهكته الحرب وتردت فيه الأوضاع الإنسانية إلى مستويات غير مسبوقة. هنا، أود أن أسجل أن ضمير المملكة الإنساني لم يكن ليتجاهل هذه الأوضاع الانسانية المتردية، ولذلك تمت إقامة مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، كما تجري المساهمة بشكل فعال في جهود عملية إعادة الأمل التي أطلقها التحالف لتقديم أقصى درجات الاهتمام والرعاية للحاجات الإنسانية والإغاثية للشعب اليمني الشقيق. في هذا الإطار، بلغ إجمالي المساعدات الإنسانية والتنموية التي قدمتها المملكة منذ عام 2015م أكثر من 8.1 مليار دولار، كما قامت بإيداع بمبلغ ملياري دولار أمريكي لدعم البنك المركزي اليمني، وكذلك رفعت الطاقة الاستيعابية للموانىء اليمنية، كما قامت بإنشاء 17 ممر آمن لمناطق التجمعات السكنية.
4- من الواضح أن العلاقات بين الرياض وطهران متوترة جداً، ما الذي يمكن أن يساهم حسب رأيكم في الحد من هذا التوتر؟
· الإجابة على هذا السؤال بسيطة جداً وهي منسجمة تماماً مع ما تمليه كافة الأعراف الدولية. نحن لا نريد من إيران سوى شيء واحد وهو أن تحترم قيم الجوار الجغرافي التي تجمعها بدول الخليج، وبالتالي ما يُمليه هذا الجوار من التزامات وحقوق متعارف عليها دوليا، وأهمها أن تكف عن التدخل في شئون جيرانها الداخلية وعدم تهديد الأمن الإقليمي من خلال مغامرات برامج التسلح النووي والصواريخ البالستيةوتصدير خطاب العداء والكراهية، وإثارة النعرات الطائفية.
·
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
هذا وقد تطرقت الأسئلة اللاحقة الى شئون اخرى كمسيرة الاصلاح التي تشهدها المملكة وجهود المملكة في الاغاثة الانسانية بالإضافة الى العلاقات الثنائية بين البلدين , حيث حائت الاسئلة على النحو التالي :
5- لماذا قامت المملكة العربية السعودية قبل بضعة عقود بالإنغلاق على نفسها بهذا الشكل ولماذا تأتي التغييرات حاليا بهذا الشكل السريع؟
· أتحفظ في الحقيقة على لفظ " الانغلاق"، فما ساد في المملكة قبل عقود يمكن وصفه بالمحافظة أكثر من الانغلاق. على كل حال، يمكنني القول بأن انتهاج النهج المحافظ في ذلك الوقت كان ضرورياً لصالح الحفاظ على المجتمع السعودي من أن تتجاذبهتيارات فكرية خطرة، خاصة مع وصول الملالي المغامرين إلى السلطة في إيران ومحاولاتهم الدؤوبةلتصدير الفكر الثوري المتصادم مع قيم المجتمع الدولي إلى المجتمعات الخليجية المجاورة. لقد حاولت إيران المزايدة على المملكة وتأجيج المشاعر ضدها. وكما تعلمون، فالناس في ذلك الوقت لم يكن لديهم انترنت ولا فضائيات يستطيعون من خلالها البحث وتمييز الغث من السمين، فكان لا بد للمملكة أن تواجه هذا المشروع المشوه من خلال المحافظة على صورتها كبلد يُعدُ قبلة العالم الإسلامي ويحتضن أعظم مقدسات المسلمين.
أما لماذا تأتي التغييرات حالياً بهذا الشكل السريع، فهذا ما تمليه علينا طبيعة هذا الزمن الذي نعيشه الآن، فالغزو التكنولوجي والتغيرات اللحظية تستدعي مجاراة ذلك واتخاذ خطوات مواكبة وسريعة أيضاً، خاصة أن المجتمع في المملكة العربية السعودية لم يعد نفس المجتمع الذي كان في سبعينات القرن الماضي، بل هو مجتمع شاب منفتح ومطلع وبالتالي مهيأ لتقبل هذه التغييرات والتفاعل معها إيجابيا.
·
6- المجتمع السعودي يتغيّر، وتخضع البلاد بأكملها لعملية تحديث. أي نوع من الدولة يريد الملك سلمان وابنه -ولي العهد محمد بن سلمان-أن يشكّلا حاليا؟
· الجواب باختصار، دولة عصرية حديثة. دولة مؤسسات تسير مع نظيراتها من الدول نحو مزيد من الرقي ورفاهية الإنسان وجودة الحياة وقبول الآخر، مع احتفاظها بهويتها وثقافتها وتراثها الأصيل.
7- أصبح باستطاعة المرأة في الوقت الحاضر أن تذهب الى دور السينما، وأن تقود السيارات، وتشارك في القوات المسلحة. هل هناك خطط أخرى إضافية مرتبطة بحقوق النساء؟
· في الحقيقة، مسيرة المرأة السعودية نحو موقعها الحقيقي كنصف المجتمع قد انطلقت، والقوة التي رافقت هذه الانطلاقة تجعلني على يقين أنها ستستمر على نفس الوتيرة مع حفاظها على جوهر الثقافة السعودية والأعراف الاجتماعية.. أعتقد أن المستقبل القريب يحمل الكثير من المفاجآت السارة للنساء السعوديات اللواتي سيثبتن بدورهن أنهن على مستوى المسئولية والكفاءة.
8- كيف يتقبّل المجتمع السعودي هذه التغييرات السريعة؟ هل هو منقسم في الآراء حولها؟
· لا توجد عملية تغيير في العالم تكون مقبولة من الجميع. لا بد من الاختلاف وهذه من سنن الحياة، ومع ذلك، يمكنني القول أن الغالبية العظمى من السعوديين سعيدة بهذه التغييرات ومتعطشة لها خاصة إذا أخذنا في الاعتبار نسبة الشباب في المجتمع، بالإضافة إلى وجود نسبة كبيرة من متوسطي الأعمار ممن تلقوا تعليمهم العالي في الدول المتقدمة واطلعوا على الرفاهية التي جلبتها المدنية لتلك البلدان، وبالتالي سيرحبون أن يروا بلادهم في مصاف تلك البلاد. باختصار، يمكنني القول بأن نسبة الرضا عن هذه التغييرات تتزايد بشكل مطرد خاصة أنها تراعي الموروث الثقافي والاجتماعي وتحرص على الحفاظ على الهوية الوطنية.
·
9- منظمة أمنيستي انترناشونال وغيرها من المنظمات المعنية بحقوق الإنسان تتهم الحُكم السعودي وتزعم بأن الإصلاحات اللبرالية ليست في الواقع سوى نوع من العلاقات العامة المخصصة للرأي العام العالمي، بينما يستمر في واقع الأمر قمع حقوق الإنسان في المملكة، وتنفيذ أحكام الإعدام، واعتقال معارضي النظام. هل سترد الرياض على مثل هذه الانتقادات؟
· منظمة أمنيستي إنترناشيونال وغيرها من المنظمات المشابهة تكاد لا تترك بلدا في العالم دون انتقاد واتهام بانتهاك حقوق الانسان، لذلك نحن في المملكة نتجنب الدخول في جدالات عقيمة تستغرق وقتنا وجهدنا فيما يمكن أن نستغلهما في تطوير بلادنا وخدمة مواطنينا وتحقيق رفاهيتهم. من جهة أخرى، نحن في المملكة نرفض التدخلات الخارجية والحملات المشبوهة التي تستهدف شئوننا الداخلية أو نزاهة قضائنا أو حقنا في الحفاظ على أمن مجتمعنا ومواطنينا.
·
10- رجال الدين المحافظين ينتقدون تحرير الأنظمة الاجتماعية ولديهم مشكلة معها. كيف هي العلاقة حاليا بين القيادة السياسية للبلاد ورجال الدين المذكورين؟
· من الطبيعي أن يكون هناك بعض علماء الدين الإسلامي في المملكة ممن يرفضون تحرير الأنظمة الاجتماعية ولكن هؤلاء فئة قليلة تقابلها فئة كبيرة من كبار العلماء وأهل الاختصاص الشرعي ممن يباركون هذا التغيير انطلاقاً من قناعتهم بالمنهج الوسطي المنفتح والمعتدل. اما من حيث العلاقة بين القيادة السياسية وبين العلماء المحافظين، فالعلاقة طبيعية ولا تتخذ منحى صدامياً خاصة أن القيادة متفهمة أن دوافع المحافظين في الاعتراض منطلقة من خوفهم على المجتمع من حدوث صدمة، إلا أن القيادة في المقابل لن تسمح لمشاعر الخوف والحذر غير المبرر في أن تعيقنا عن مسيرة التغيير الذي أصبح استحقاقاً وطنيا ومطلبا شعبياً.
·
·
11- الوهابية التي تمثل الدين الرسمي للمملكة العربية السعودية هي اتجاه سنّي متشدد من الدين الإسلامي ويُربط عادة بالعديد من الشخصيات الراديكالية بمن فيهم أسامة بن لادن. هل يخبّئ هذا التوجه الديني في جوهره أي تهديد حقيقي للعالم؟
· اولاً، لا يوجد شيء يسمى الدين الوهابي، وان الدين المتبع في المملكة العربية السعودية هو الدين الاسلامي بمنهجه الوسطي المعتدل. فيما يتعلق بشخصية اسامة بن لادن وكون السؤال يفترض أنها محسوبة على الفكر السلفي السائد في المملكة، فإنني على ثقة أن هذا الافتراض خاطئ تماماً وهو مجرد فرضية يتداولها بعض الغربيين دون إجراء بحث منصف وعقلاني، ومن هنا فإنني ارى أن أفضل من رد على هذه الفرضية هو من كان من الغربيين أنفسهم، فنجد مثلا الكاتب والمحلل السياسي الأمريكي جيمس أوليفر قد ألّف كتاباً هاماً عنوانه: " أسطورة الوهابية" والذي يفند من خلاله دعوى ارتباط القاعدة بما يسمى بالوهابية مجازاً.
12- كيف تريد المملكة منع انتشار التطرف في المستقبل؟
· المملكة بداية تؤمن أن القضاء على التطرف لن يتحقق إلا عبر جهد جماعي دولي تتضافر من خلاله الامكانيات المادية والخبرات العملية والكفاءات العلمية في سبيل حسم معركة العالم مع الإرهاب. على اية حال، المملكة منذ نشأة هذه الظاهرة الخطيرة عمدت إلى تطبيق منهجية مزدوجة (وقائية وعلاجية)، فعلى المستوى الوقائي قامت المملكة بإجراء مراجعة شاملة للمناهج التعليمية وفي كافة مراحل التعليم وذلك حرصاً الا تكون هناك اي ثغرة ينفذ منها الفكر المتطرف إلى عقول أبنائنا. أما على المستوى العلاجي فقد تعاملت المملكة مع الهجمات الإرهابية التي حدثت في المملكة بالكثير من الحزم، كما أنها أنشأت برنامجاً فريداً من نوعه في العالم يقوم على مواجهة معتنقي الفكر المتطرف بالمناصحة والمراجعة والإقناع بالحجة والبراهين العقلية واستطاعت بالفعل إعادة كثير ممن تمت استمالتهم لأفكار التطرف إلى جادة الصواب فعادوا لممارسة حياتهم ومواطنتهم كأي شخص طبيعي. على الصعيد الدولي، فإن المملكة شريك استراتيجي وحليف أساسي في الحرب على الإرهاب، والتنسيق الأمني والاستخباراتي بينها وبين كافة الدول المحاربة للإرهاب قائم على قدم وساق. من جهة أخرى، بادرت المملكة بدعوة العالم إلى إحياء منطق الحوار وخطاب التسامح عبر إنشائها مراكز الحوار العالمية مثل مركز الملك عبد الله للحوار بين اتباع الاديان والثقافات في فينا ومركز اعتدال في الرياض.
·
13- كيف تدار عملية تمويل المساجد وغيرها من المراكز الدينية التي تديرها المملكة العربية السعودية في الخارج؟
· سأجيبك على هذا السؤال تحديداً من واقع خبرتي الشخصية كسفير ترأستُ بعثة بلادي الدبلوماسية مرتين الأولى في الجمهورية الفنلندية والثانية وهي الحالية في جمهورية التشيك. المساجد التي تبنى في أوروبا غالباً ما تتولى تمويلها جهاتٌ خيرية ومنظمات غير حكومية في البلدان التي تنتمي اليها الجاليات،علماً بأن المملكة لا تدعم إلا المساجد أو المراكز الإسلامية التي تتبنى المنهج الوسطي الذي يقبل الآخر، وأود التنويه هنا إلى أن المملكة قد شرعت مؤخراً في تنفيذ برنامج دقيق لتقييم كافة المراكزوالدعاة الذين تتعامل معهم في الدول الصديقة للتأكد من التزامهم بخطاب الإسلام الوسطي والمعتدلالذي يدعو للسلام في كافة دول العالم.
كذلك، فإن المملكة تحرص على قنوات اتصال فعالة مع سلطات الدول الصديقة لتبادل المعلومات حول أي شخص يتبنى طرحاً راديكالياً متطرفاً، وتبعاً لذلك، فإن سفارات المملكة تحرص دائماً أن تكون الجهة التي تطلب المساعدة قد استوفت كافة الشروط القانونية التي تشترطها الدولة المضيفة، ولا يتم تسليم أية مساعدة إلا بعدالحصول على موافقة رسمية من السلطات المختصة بهذه الدولة على تقديم هذه المساعدة.
·
·
14- كان في الماضي عدد من المشاكل فيما يخص الأموال المخصصة للأوقاف الإسلامية والتي كانت تنتهي أحيانا في أرقام حسابات مصرفية تابعة لراديكاليين أو حتى لمجموعات إرهابية. ما هي الإجراءات التي تبنّتها المملكة لمنع تكرار مثل تلك الحالات؟
· كما ذكرتُ آنفاً، المملكة لا تسلم سنتاً واحداً إلى اية مؤسسة خدمية لدى الجاليات المسلمة في الغرب دون وجود موافقة رسمية مكتوبة من وزارة خارجية الدولة المضيفة التي هي وحدها (أي الدولة المضيفة) من تملك الحق الحصري في البحث والتحري عن المؤسسات القائمة فيها وتحديد مصداقيتها وسلامة توجهاتها.
·
·
15- تخلّت المملكة العربية السعودية قبل فترة قريبة عن المسجد الكبير في بروكسل، بينما تُنفّذ في مسجد جنيف تغييرات داخل مجلس إدارته. هل سيستمر هذا النهج؟ هل تسعى المملكة العربية السعودية لتحقيق الإصلاحات حتى خارج حدودها؟
· مسيرة الإصلاح لن تتوقف وستمتد إلى أي مؤسسة ترتبط بشكل أو بآخر بالمملكة، وأستطيع أن أؤكد أن المملكة لن تسمح لأي فئة او جماعة أن تسوق نفسها باسم المملكة وتشوه بالتالي صورتها فيما هي تسعى الى تنفيذ أجندات مشبوهة لا تمت الى المملكة بأية صلة.
16- فيما يتعلق بدعم الجمعيات الدينية التي تتبنى الإسلام الوهابي في العالم، هل تنشط المملكة العربية السعودية في هذا الاتجاه، بأي شكل من الأشكال، حتى في الجمهورية التشيكية؟
· مرة أخرى، مع تحفظي على صيغة السؤال التي تنطوي على تهمة جاهزة لا تستند إلى اي برهان منطقي، أعيد ما ذكرته خلال إجاباتي السابقة أن سفارات المملكة تتحرى في تعاملها مع المؤسسات التي تخدم الجاليات في الدولة المضيفة أن تكون هذه المؤسسات مرخصة قانوناً وتعمل في إطار النظام العام للدولة، وأن يكون القائمون عليها بعيدون تماما عن خطاب التطرف، كما انها تحرص الا يتم دعم أي من هذه المؤسسات مادياً ما لم تكن هناك موافقة رسمية من وزارة الخارجية في البلد المضيف، سواء كان ذلك في جمهورية التشيك أو في أي دولة أخرى.
17- المملكة العربية السعودية تقاتل الى جانب الولايات المتحدة الأميركية في سوريا ضد الراديكاليين الإسلاميين، فهل سيصل هذا الصراع الى نهاية ما؟ كيف تقيّم موقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي قال بشكل متكرر مؤخرا ما معناه بأنه يريد سحب الجنود الأميركيين من سوريا بأسرع وقت ممكن؟
إذا اردت الدقة، فحقيقة الأمر أن المملكة تساهم في جهود مشتركة ضمن تحالف دولي للقضاء على داعش في سوريا والعراق ولا يقتصر ذلك على المملكة والولايات المتحدة فقط. فيما يتعلق بنهاية الصراع، فإنني أود التأكيد على أن موقف المملكة هو موقف داعم لحل سياسي في سوريا يلبي طموحات الشعب السوري في اختيار قيادته ويمهد لعودة المهجرين إلى مدنهم وإيقاف المعاناة الإنسانية في هذه الدولة الشقيقة والتي وصلت الى مستويات غير مسبوقة. انا على يقين أن الصراع في سوريا يمكن أن ينتهي في القريب العاجل إذا ما توقفت التدخلات الإيرانية المستمرة في المنطقة، حيث أن تدخلاتها ساهمت في إطالة أمد الصراع وزيادة معاناة المدنيين.
من ناحية أخرى، فإنه بغض النظر عن تصريح الرئيس الأمريكي ترامب حول سحب الجنود الأمريكيين من سوريا، فإنه من الواضح أن الإدارة الأمريكية لن تتخذ هذه الخطوة قبل القضاء الفعلي على تنظيم داعش.
18- فيما يخص إسرائيل، يتبيّن من تعبير ولي العهد محمد بن سلمان أنه من الممكن تحقيق نوع من الاختراق، أقلّه حدوث تحسن معين في العلاقات. هل هناك بين البلدين أي شكل من أشكال التعاون؟
المملكة في هذه القضية كان موقفها ولا يزال مبدئياً وثابتاً مع حصول الشعب الفلسطيني الشقيق على حقوقه المشروعة ووفقاً لمقررات الشرعية الدولية، وعلينا أن لا ننسى أن المملكة كانت هي الدولة التي أطلقت مبادرة السلام العربية والتي أكدت على أنه في حال حصول سلام شامل فإنه سيتم تطبيع العلاقات مع إسرائيل واعتبار الصراع العربي الإسرائيلي أمراً منتهياً. من هذا المنطلق، يمكنني القول أنه في حالة استجابة إسرائيل للقرارات الدولية وموافقتها على الوصول الى حل سلمي للصراع العربي الإسرائيلي، فإن تطبيع العلاقات العربية – الإسرائيلية سيحدث تلقائياً بل وسيمتد أيضاً ليشمل الدول الإسلامية مع إسرائيل. هنا أود أن أنوه أن تسوية هذه القضية وإنهاءها بات أمراً حتمياً لتفويت الفرصة على بعض الجهات كإيران التي تستثمر وجود هذا الصراع لفرض أجندتها وإثارة الفتن وتهديد أمن المنطقة.
19- كيف تقيّم العلاقات مع الجمهورية التشيكية؟
أستطيع تقييمها بأنها علاقات واعدة وذلك بناء على عدد من المعطيات الجديدة ومنها مثلا أن قيادة المملكة حالياً تتبنى اسلوباً جديداً ومرنا في مقاربة العلاقات الدولية، وفي المقابل، فإنني لمستُ شخصياً من خلال عملي كسفير لبلادي لدى الجمهورية التشيكية الصديقة حرصاً صادقا من الكثير من المسئولين التشيك على تعزيز العلاقات الثنائية وتطويرها وبما يخدم مصالح الشعبين الصديقين. في الحقيقة، هناك الكثير من الفرص الواعدة للتعاون الثنائي بين البلدين، خاصة في ضوء المشاريع العملاقة التي تعتزم المملكة إقامتها والتي تشكل بيئة خصبة جداً للاستثمار. كذلك فإن المملكة تتطلع إلى الاستفادة من الإنجازات التشيكية في مجالات الطب والطاقة والتكنولوجيا والبنية التحتية.
ولعلني لا أذيع سراً إن قلت أن المملكة هي الشريك الاقتصادي الثالث للتشيك في الشرق الأوسط حالياً، فيما أعتقد أن هذه الشراكة ستقفز لتصبح في المرتبة الأولى في حالة الاستفادة من فرص الاستثمار المصاحبة للمشاريع العملاقة للمملكة التي تحدثنا عنها آنفاً.
20- هل تحضّرون لأي عمل يهدف لتقريب المجتمع السعودي الى المواطنين التشيك؟ هل يتم التخطيط مثلا لتعزيز دعم القطاع السياحي في الاتجاهين؟
الشعب التشيكي في نظرنا كسعوديين هو شعب صديق ونتطلع إلى علاقات إيجابية مع الجمهورية التشيكية على كافة الأصعدة والمستويات ومن الرسمي وحتى الشعبي، وهناك حالياً الكثير من الجهود التي تبذل في هذا الإطار ، كما ان الحضور السعودي بات ملحوظاً في الكثير من الفعاليات التي تقام في التشيك وسواء كان ذلك بدعم سعودي رسمي أو بمساهمة شخصية كمعارض الفنون التي يقيمها بعض الفنانين السعوديين بين حين وآخر. فيما يتعلق بالسياحة، فمن المؤكد أننا سنشهد قريباً تعاوناً ثنائياً فعالا جدا في هذا الإطار بعد أن تستكمل المملكة ترتيباتها القانونية واللوجستية لقيام القطاع السياحي بواجباته على أكمل وجه ووفق المعايير العالمية.
من جهة أخرى، أود التنويه إلى أن السفارة حالياً تقوم على ترتيب وتنسيق الكثير من الزيارات بين الجانبين السعودي والتشيكي والتي من المتوقع أن تساهم في استكشاف فرص التعاون الاقتصادي في كافة المجالات.