أكد اكتمال العمل بالمشروع خلال سنتين

السفير السعودي لدى السلطنة لـ " الرؤية " : منفذ " الربع الخالي " يرسخ العلاقة المتجذرة بين البلدين ويزيد الحركة التجارية

جريدة الرؤية – حوار / يوسف بن يعقوب المعولي :

أبرز سعادة السفير عبد العزيز بن سليمان التركي سفير المملكة العربية السعودية لدى مسقط متانة العلاقات العمانية السعودية ، وقال في حوار مع الرؤية " عن العلاقات السعودية العمانية هي علاقات موغلة في التاريخ ، بالنظر إلى عمق الروابط بين الشعبين العربيين الشقيقين وموقعهما الاستراتيجي في إطار شبة الجزيرة العربية ولطالما أكدت الأحداث والمواقف متانة تلك الروابط . واعتبر أن المنفذ الحدودي بين البلدين ترسيخ لهذه العلاقة المتجذرة حيث سيساهم في خدمة مصالح الشعبين الشقيقين .كما استعرض خلال الحوار المراحل التاريخية التي مر بها تنفيذ هذا المنفذ والدور الكبير الذي يمكن ان يشكله في تقوية الأواصر الأخوية وتنمية العلاقات التجارية بين البلدين الشقيقين .

خاصة ان الحدود البرية بين البلدين تشكل أهمية إستراتيجية كبيرة ، فمن خلالها ينتقل الأفراد من دولة الى أخرى كما يتم عبرها نقل البضائع بمختلف أنواعها الأمر الذي يسهم في إيجاد حراك اقتصادي كبير ، أضف إلى ذلك مساهمتها الكبيرة في تنشيط العلاقات السياسية وتفعيلها وخلق نشاط اجتماعي بين السكان يقوي من الأواصر الثقافية فيما بينهم ، لذا اهتمت الدول بهذا الجانب وعملت على ترسيم الحدود البرية بينها . ومن هذا المنطلق حرصت الحكومة العمانية على ترسيم الحدود مع الدول المجاورة لهل كدولة الإمارات العربية المتحدة والجمهورية اليمنية والمملكة العربية السعودية وذلك إيمانا منها بأهمية إيجاد علاقة أخوية وثيقة مع دول الجوار .

وتعتبر العلاقات العمانية السعودية علاقات موغلة في القدم نظرا لعمق الروابط بين الشعبين وموقعهما الاستراتيجي وقد عززت الأحداث والمواقف متانة تلك الروابط كما تشكل الدولتين جزءاً حيويا ًُلا يتجزأ من المنظومة الخليجية العربية ، وهما تتمتعان بعلاقات أخوية ذات شواهد متعدد وروابط الدين والجوار وذات مشاهد كثيرة وموروث اجتماعي ضارب في الزمن والتاريخ . عن الافكار النيرة للقيادتين لها مواقف كبيرة وعظيمة تقف شاهدة على عمق العلاقات الثنائية التي تتميز بالشفافية بين مسقط والرياض على مختلف المسارات . كما ان التواصل المستمر بين القيادتين الحكيمتين يشمل جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ويشكل لبنة قوية في صرح مجلس التعاون لدول الخليج العربي. ولتأكيد الروابط الأخوية بين الشعبين وتفعيلا منها للحدود البرية المشتركة ، قام المسؤولين في السلطنة والمملكة العربية السعودية بالعمل على فتح منفذ حدود ي يذلل وعورة الطرق الصحراوية وهو منفذ الربع الخالي . حول هذا المنفذ وما يمثله من أهمية إستراتيجية في تعزيز لروابط الأخوية بين البلدين الشقيقين وما يمكن ان يشكله من بعد تنموي بينهما ، تركز الحوار مع السفير السعودي لدى السلطنة ، فإلى الحوار :-

ـ بداية هل لسعادتكم إعطاءنا نبذة مختصرة عن عمق العلاقات العمانية السعودية لا سيما فيما يتعلق بترسيم الحدود بين الجانبين ..

ـ العلاقات السعودية العمانية هي علاقات موغلة في التاريخ بالنظر إلى عمق الروابط بين الشعبين العربيين الشقيقين وموقعهما الاستراتيجي في إطار شبه الجزيرة العربية ، ولطالما أكدت الأحداث والمواقف متانة تلك الروابط ، وما فتح المنفذ الحدودي بين البلدين إلا ترسيخ لهذه العلاقة المتجذرة ، حيث سيساهم في خدمة مصالح الشعبين الشقيقين .

وهنا أود الإشارة إلى أنه في مايو 1991م تبادل البلدان الشقيقان وثائق التصديق على اتفاقية الحدود الدولية بينهما، وبحلول مارس 1995م أنهت شركة ألمانية جميع أعمال تخطيط الحدود على الأرض، والتي يربو طولها على 650 ميلا، ووضع العلامات الحدودية بأحدث الطرق الفنية المتوافرة . ولا شك أن التوقيع على هذه الاتفاقية قد ساهم في تعزيز العلاقات الأخوية بين البلدين وساعد على تمهيد الطريق للتوقيع على اتفاقيات مماثلة مع بعض الدول المجاورة .

ـ أعلن رسميا في العام 2006 م عن البدء في إنشاء المنفذ الحدودي بين البلدين الشقيقين وبدء تنفيذ مشروع طريق ( بطحاء / شيبة / أم الزمول ) ، وذلك بطول 570 كم على أن يتم تنفيذه على مرحلتين في آن واحد ، المرحلة الأولى بطول 390 كم والمرحلة الثانية 180 كم حيث سيربط الحدود مع السلطنة وكان من المفترض أن ينتهي العمل خلال ثلاث سنوات ( أي بحلول العام 2009 م )، فإلى أين وصل المشـروع ؟

ـ بالفعل في العام 1427 هـ وبالتحديد في شهر ذي القعدة الموافق لشهر ديسمبر 2006م ونتيجة لتطابق أفكار قيادتي البلدين التي من شأنها أن تسهم في تطوير علاقة الشعبين الشقيقين وزيادة التبادل التجاري بين مسقط والرياض ، وانطلاقا من عمق الروابط القائمة بين البلدين وتجسيدا لعلاقاتهما الأخوية المتميزة وبناء على توجيهاتهم السامية صدر في الرياض بيان مشترك وقعه صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية وأخيه معالي السيد سعود بن ابراهيم البوسعيدي وزير الداخلية بسلطنة عمان حول إنشاء منفذ حدودي بين البلدين الشقيقين ( وهو منفذ الربع الخالي من جانب المملكة ورملة خيلة من جانب السلطنة – وإن كان قد صدرت الأوامر في السلطنة مؤخرا بتغيير اسم المنفذ إلى منفذ الربع الخالي ليتطابق اسما المنفذين في البلدين - ) . وكما ذكرت في سؤالك كان من المفترض الانتهاء من هذا المشروع الضخم في العام 2009 م إلا أن الشركات التي أسند إليها القيام بهذا المشروع جوبهت بكثير من المعوقات والصعاب والعقبات التي كانت سببا في تأخير إتمام المشروع عن الموعد الذي حدد له سابقا.

ـ ما أبرز تلك المعوقات والعقبات التي واجهت تنفيذ المشروع ؟

ـ كما ذكرت في سؤالك السابق أن مشروع طريق ( بطحاء / شيبة / أم الزمول ) ، يبلغ طوله حوالي 580 كيلومترا ، تم تنفيذ المرحلة الأولى منه بطول 390 كم ، أما المرحلة الثانية ( وهي من حقل شيبة وحتى الحدود العمانية ) وهي بطول 190 كيلومترا فهي في الحقيقة من أصعب المناطق في منطقة الربع الخالي من حيث كثرة المتعرجات والكهوف والكثبان الرملية المتحركة ، مما اضطر الجهات المسؤولة في المملكة بتخصيص ميزانية ضخمة جدا ، وبالفعل تم ترسية مشروع إنجاز هذا الطريق على إحدى الشركات المحلية التي تقدمت للمنافسة وهي من أكبر الشركات المتخصصة في مجال الطرق بالمملكة ، ويتوقع الانتهاء منه بعد سنتين إن شاء الله .

وقد أدرج ( إكمال الطريق المؤدي إلى منفذ الربع الخالي الحدودي مع السلطنة الشقيقة ) ضمن بنود الميزانية العامة للمملكة للعام المالي الجديد 1431 / 1432هـ .

ـ ما الجدوى الاقتصادية والاجتماعية التي يمكن أن يحققها المشروع ؟

ـ من قطع هذه الفيافي من قبل يمكنه أن يتصور القيمة المضافة للشعبين الشقيقين من وراء افتتاح هذا المنفذ، ، فطول المسافات والطبيعة الصحراوية والمناخ الصعب الذي يعانيه المسافر يجعل اختصار الوقت والجهد والمال أمرا عزيز المنال . ولعل الأهم هو القيمة الاقتصادية ، حيث ستزيد بين البلدين الحركة الاقتصادية والتجارية النشطة بالنظر إلى اعتماد أبناء المنطقة على حركة التصدير والاستيراد والمرور (الترانزيت) للبضائع والأفراد .

ولن تقتصر الخدمات التي سيؤديها هذا المنفذ للشعبين العماني والسعودي فقط وإنما سيعمل على تيسير حركة المرور بشكل عام خاصة في أوقات الزحام مثل أيام الحج والعمرة بما يجعل المنفذ الجديد وسيلة لخدمة كافة العرب والمسلمين القاطنين أو عابري السبيل .

ومن القيمة المضافة من وراء إنشاء منفذي الربع الخالي قيام مشروعات استثمارية للخدمات والتموين والوقود على طول الطريق من وإلى المنفذ تفتح بدورها مجالات عمل لأبناء المناطق القريبة على وجه والخصوص. والمعروف أن حركة السفر بالبر بين السلطنة والمملكة العربية السعودية كانت ـ ولا تزال إلى حين افتتاح المنفذ ـ تمر عبر دولة ثالثة، ولنا أن نتصور صعوبة واحتياطات المرور بين البلدان وما تقتضيه ذلك من اعتبارات رسمية تطيل أمد السفر وتحمل المسافرين، خاصة من غير مواطني المجلس، أعباء كبيرة .

ـ كلمة أخيرة ..

أود أن أوجه الشكر لجريدة الرؤية والقائمين عليها لإتاحة الفرصة لهذا اللقاء ، ولا يسعني في الختام إلا أن أسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظ قائدي البلدين الشقيقين خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وأخاه حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ،وأن يلهمهما مزيداً من بعد الرؤية ونفاذ البصيرة ليقدما مزيداً من المكرمات لشعبيهما سواء في إطار التعاون الثنائي أو في اطار التكامل والعمل الخليجي المشترك .