24/7/2011

بمناسبة الذكرى الحادية والأربعين للنهضة العمانية بقيادة جلالة السلطان قابوس بن سعيد -حفظه الله- ادلى سعادة السفير / عبدالعزيز بن سليمان التركي بحديث خاص لجريدة الرؤية العمانية هنأ فيه السلطنة قيادة وشعباً متطرقا الى ما وصلت إليه عُمان من تقدم وتطور في العديد من المجالات وكذلك العلاقات السعودية العمانية الوطيدة .

وفيما يلي ما جاء في تصريح سعادته:- بداية وبمناسبة الذكرى الحادية والأربعين ليوم النهضة العمانية وبالأصالة عن نفسي ونيابة عن كل سعودي يشرفني أن أزف أصدق وأجمل التهاني لقائد النهضة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه - ولكل الشعب العماني الشقيق الذي حصد ثمار تلك الأعوام من العمل والجد والاجتهاد، عبر تلك المسيرة الفذة التي استنهضت الهمم، وأحيت أمجاد ماضي عمان وحققت الانطلاق بكل قوة نحو آفاق المستقبل .

حقيقة لقد لفت انتباهي منذ مجيئي للسلطنة سفيرا لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود – حفظه الله – ما لمسته من اعتماد عُمان الأساسي في مسيرتها النهضوية على سواعد أبنائها الذين استجابوا لنهج سلطانهم في العناية بالتعليم والتدريب المستمر والتخطيط الجيد والمستنير، والاستثمار السليم لثروات وإمكانات بلدهم، وحفاظهم على بيئتهم وعنايتهم بآثارهم من قلاع وحصون وتغلبهم على صعوبات التضاريس التي لم تحلْ دون تنفيذ العديد من مشروعات التنمية - التي يحق للعمانيين أن يفخروا بها - رغم المساحات المترامية لأراضي السلطنة التي تجمع بين المناطق الساحلية والجبلية وبين السهول والمناطق الصحراوية، وعدد من الجزر الجميلة والطبيعة الساحرة. كل ذلك في الوقت الذي حافظوا فيه على الشخصية العمانية وعلى العادات والتقاليد والتراث انطلاقا من مبادئ راسخة من التسامح والترابط والتكامل، وحققوا نجاحا كبيرا في ربط مشروعات التطوير والتحديث بالبيئة والمحافظة عليها من خلال الجمع والتمازج الدقيق بين التراث والبيئة .

لقد تابعت عن قرب مسيرة النهضة العمانية في زيارات امتدت لأغلب ولايات السلطنة من سهل الباطنة إلى محافظة ظفار إلى المنطقة الشرقية إلى محافظة مسندم، فرأيتها نهضة تجمع بين الأصالة والمعاصرة، بين القديم والحديث في تناسق والتئام عزز من قوة هذه النهضة، وأعطاها مداها واتساعها، وقوى بنيانها لتكون أكثر استيعاباً لمنجزات الحضارة، وفي نفس الوقت أقدر استلهاماً لقيم التراث، تلك النهضة التي كان هدفها الأول والأسمى هو الإنسان العماني فاستطاعت أن تحقق الكثير وأن تنفتح على العالم للاستفادة من تجاربه الناجحة .

إن السياسة التي تتسم بالحكمة والانضباط والعقلانية والاعتدال التي اتبعها جلالة السلطان قابوس واللقاءات المباشرة بين جلالته وشعبه، كانت انطلاقا من تراث المحبة والتسامح ومختلف القيم النبيلة التي أرساها كأساس لبناء عُمان عصرية أصبحت ركيزة من ركائز السلام والاستقرار في المنطقة، مما جعلها تحتل موقعا متميزا يغبطها عليه القاصي والداني .

وإن ما يشد الانتباه دائما هو موقف السلطنة القائم على مبدأ الحياد الإيجابي، والعلاقات الطيبة مع جميع الدول والشعوب، ذلك المبدأ الذي نجحت به عُمان في الحفاظ على علاقات الجوار الطيبة دون التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، ورفض التدخل في شؤونها الداخلية .

واستطيع القول: إن مسيرة النهضة العمانية خير شاهد على قدرة المجتمع العماني برجاله ونسائه وشبابه على تحدي الصعاب، وإن عقودا أربعة - وهي فترة قصيرة في عمر الشعوب – تدعو لمزيد من التأمل فيما حدث ويحدث على أرض عُمان بسواعد أبنائها، وهو خير شاهد على قدرة الإنسان العربي على صنع المعجزات إذا ما تمتع بإرادة صادقة وتوجيه سليم وحكمة سديدة. ويكفي النظر للتقارير والإحصاءات الدولية التي تشهد للسلطنة بتطورها وتقدمها ومواكبتها للعديد من دول العالم المتقدمة في عدد من المقاييس الإنمائية في مختلف المجالات كالصحة والتعليم والاقتصاد و الأمن والاستقرار وسيادة القانون.

ولهذا كله كان الاحتفال بيوم النهضة العمانية مناسبة يعتز بها الجميع، وذكرى تتجدد كل عام نزهو بها ونفخر بيوم مجيد في تاريخ السلطنة ومسيرة أمتنا العربية .

أما عن العلاقات السعودية العمانية الوثيقة والمتميزة فتستند في خصوصيتها، على ما يربط بين البلدين من وشائج وصلات عميقة ممتدة في عمق الزمن، وعلى كل المستويات وفي جميع المجالات، وعلى ما يجمع بينهما من مصالح وآمال مشتركة، فهي علاقات تاريخية زادت رسوخا وقوة في العهد الزاهر للقائدين الحكيمين خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وأخيه جلالة السلطان قابوس بن سعيد – حفظهما الله- بما حباهما الله من حكمة، وتجمع البلدين سياسة خارجية تتسم بالدبلوماسية الهادئة التي تضع كل الإمكانات في خدمة مصالح الوطن والدفاع عن القضايا القومية، وهما بما لهما من ثقل في المنطقة يسجلان حضورا دوليا وإقليميا يشهد به الجميع من خلال معالجتهما للكثير من المشاكل التي طرأت وتطرأ على الساحة، ولا شك أن البلدين يمثل كل منهما بعدا استراتيجيا للآخر نظرا للموقع الجغرافي الذي يحتلانه في خارطة المنطقة الخليجية .

واستطيع أن أؤكد أن مستقبلا واعدا ينتظر العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين على المستويين الاقتصادي والتجاري، وخاصة بعد أن يتم الانتهاء من منفذ (الربع الخالي) الحدودي بين البلدين، مما سيجعل التنقل سهلا وميسرا، ويسهم في تنمية التجارة والسياحة البينية والتبادل التجاري والاستثمارات المشتركة وحركة السياحة بالإضافة إلى التبادل الثقافي، كما سيزيد عدد القادمين من المملكة إلى سلطنة عمان والقادمين من سلطنة عمان إلى المملكة، سواء للتجارة أو للسياحة أو غير ذلك .

وحجم التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري بين البلدين الشقيقين في تزايد وتحسن مستمرين، ولا شك أن هناك طموحا مستمرا للصعود به إلى مستويات أعلى، وسيتحقق ذلك في القريب العاجل إن شاء الله، حيث اتفق عاهلا البلدين في آخر لقاء لهما على زيادة معدل الميزان التجاري بين البلدين بما يخدم أهداف الشعبين وتطلعاتهما.

حفظ الله عُمان قائدا وشعبا وأدام عليهم نعمة الأمن والسلام .