أتشرف بمناسبة مرور 82 عاماً على تأسيس المملكة على يد الملك المؤسس المغفور له بإذن الله  الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه, أن أرفع بإسمي وزملائي أعضاء السفارة والمكاتب التابعة لها وكافة المواطنين السعوديين المتواجدين في سويسرا أصدق وأسمى آيات التهاني و التبريك لمقام سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع وكافة أفراد الأسرة المالكة الكريمة والشعب السعودي الوفي, داعياً المولى عز وجل أن يعيد أمثال هذه المناسبة علينا جميعاً وعلى بلادنا العزيزة تحت قيادتها الرشيدة بالخير والسؤدد.

إننا في هذا اليوم المبارك نستعيد ذكرى يوم مشهود قام فيه رجل عظيم مؤمن بربه ومستعينا به, قوي في عزيمته مخلصاً في نيته يعاونه عدد من الرجال المخلصين القليلين في عددهم والكثيرين بإيمانهم بتوحيد هذا الكيان الشامخ تحت راية لا اله إلا الله واضعاً الأسس لدولة عصرية دستورها القرآن والسنة النبوية المطهرة, أساسها العدل والمحبة والتراحم ، يسودها الأمن والطمأنينة بعد أن عانت الفرقة والشتات والنزاعات ، وقد تابع مسيرة الخير هذه من بعد الملك المؤسس يرحمه الله  أبناء بررة سخروا جهودهم وإمكاناتهم لخدمة هذا الوطن وأبنائه ليصلوا بهذه المملكة إلى مصاف الدول المتقدمة حيث أصبحت بلادنا ولله الحمد بفضل الله ثم بفضل تلك الجهود المخلصة من الدول التي يشار إليها بالبنان لما وصلت إليه من تقدم ورقي , وما تنعم به من أمن وأمان واستقرار في عالم يسوده القلق والتوتر.

إنه لا يمكن ولن يكون من الإنصاف الحديث في هذه العجالة عن الانجازات التي تمت في المملكة منذ تأسيسها وحتى العهد الزاهر الذي نعيشه في ظل قيادة سيدي خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد الأمين 00 نعم سمو ولي عهده الأمين الذي اختاره سيدي خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله ولياً للعهد نائباً لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للدفاع ليكون عضد له, فكان خير خلف لخير سلف أخواه صاحبي السمو الملكي الأمير سلطان والأمير نايف رحمهما الله وجزاهم خيراُ على ما قاما به في خدمة دينهم ووطنهم ، هذا الاختيار الذي أدخل السعادة والطمأنينة إلى قلوب أبناء هذا الشعب السعودي الوفي باختيار سموه الكريم لهذا المنصب الرفيع لما يعرفه الجميع عنه يحفظه الله من حنكة وحكمة وما يتمتع به من خبرة ودراية بحكم الانجازات الكبيرة التي حققها سموه داخلياً وخارجياً في خدمة مواطنيه وبلده والمراكز التي تبؤها والمسئوليات الكبيرة التي تحملها ويتحملها بكل جدارة واقتدار فهنيئاً لنا بهذا الاختيار ودعواتنا لسموه الكريم بأن يمده الله بعونه وتوفيقه لتحقيق ما يصبو إليه في خدمة الدين والمليك والوطن.

إلا أن هذه العجالة لا تمنعنا من الإشارة إلى بعض ما تشهده مملكتنا الحبيبة من تقدم وازدهار نتباهى به بين دول العالم فعلى الصعيد الداخلي فالأعمال تشهد قبل الأقوال على ما أولته القيادة المباركة للمواطنين من اهتمام سواء وجدوا داخل المملكة أوخارجها إيمانا منها بمسئولية الراعي تجاه رعيته من ناحية ومن ناحية أخرى إدراكاً منها بان الاستثمار الأمثل هو الاستثمار في بناء الإنسان باعتباره حجر الزاوية في التنمية وايماناً منها بأن نهضة الامم وتقدمها لا تقوم إلا على أيدي أبنائها فحرصت على تهيئة كافة سبل الراحة  وتوفير سبل العيش الكريم لهم, فنرى تطور الخدمات الصحية التي يشهد  الجميع بما وصلت اليه من تقدم وتطور يواكب ما وصلت إليه الدول المتقدمة في العالم ، وما إرسال بعض تلك الدول وخاصة الاوروبية منها لمرضاها للعلاج في مستشفياتنا وبأيدي أطبائنا السعوديين ما هو إلا دليل على اعترافهم بهذا التطور وثقتهم في الطبيب السعودي،  وحالات فصل التوائم التي تمت في المملكة لبعض أبناء أوروبا وغيرهم تعد خير دليل على ذلك.

 وفي مجال التعليم ازداد عدد المدارس والجامعات والمعاهد العلمية في شتى أرجاء المملكة كماً ونوعاً وزاد عدد المبتعثين للدراسة في الخارج في اعرق الجامعات شرقاً وغرباً حتى وصل عددهم حالياً إلى ما يزيد على 130 ألف طالب وطالبه ، هذا بالإضافة إلى الصروح العلمية العالمية التي تم تشيدها في عهد سيدي خادم الحرمين الشريفين كجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية(كاوست) التي تعد من أكبر المراكز العلمية والبحثية في العالم ، وجامعة نورة وغيرها من الصروح الضخمة التي تهدف إلى الرقي بالمستوى العلمي والثقافي لأبناء وبنات هذا الوطن الغالي ليشاركوا في مسيرة النهضة التي تعيشها بلادنا بما اكتسبوه وسيكتسبوه إن شاء الله من خبرات علمية وثقافية وتقنية راقية ومميزة لا شك أنها ستكون رافداً إضافياً يساهم في رقي وتطور بلادنا الحبيبة.ناهيك عن التقدم والتطور الذي تحقق في المجالات الأخرى كالنقل والمواصلات حيث أصبحت المملكة تملك أكبر شبكة طرق وجسور في المنطقة ، والتي تتميز بأعلى المواصفات العالمية, ولازالت هناك المشاريع القائمة حالياً والتي جعلت العديد من المدن بمثابة ورش عمل وبناء لخدمة المواطن والمقيم وتسهيل تحركهم داخل هذا الوطن المترامي الأطراف.

 

وفي مجال الأمن, نحمد الله على ما تنعم به بلادنا من أمن واستقرار وما يتمتع به المواطن من طمأنينة في عالم يسوده القلق والتوتر, ولم يكن لإنجاز كهذا ليتحقق لولا فضل الله ثم الجهود المباركة والمخلصة التي بذلتها وتبذلها الحكومة الرشيدة ممثلة في وزارة الداخلية وعلى رأسها سيدي صاحب السمو الملكي الأمير احمد بن عبدالعزيز وزير الداخلية بتوجيهات من سيدي خادم الحرمين الشريفين تلك الجهود المباركة التي جاءت امتداداً لما بدأه المغفور له بإذن الله سيدي صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز يرحمه الله, والتي أثمرت ولله الحمد في تمكين المواطن والمقيم على هذه الأرض الطيبة من العيش بأمان واستقرار كان أساسا للتنمية والتطور الذي تشهده بلادنا الحبيبة في كافة أرجائها فلله الحمد والمنة.

 

أما على الصعيد الخارجي فقد أصبحت المملكة تتبؤ مكانة دولية رفيعة إقليمياً ودولياً بفضل السياسة الحكيمة التي تنتهجها والجهود والمبادرات التي تقدمها بهدف إرساء أسس  السلام والتعاون بين كافة أبناء البشر- بصرف النظر عن انتماءاتهم العرقية أو الدينية أو المذهبية - وتجنيب العالم الانعكاسات السلبية للكراهية والتعصب والأحقاد والحروب،وما  مبادرات سيدي خادم الحرمين الشريفين للحوار بين أتباع الأديان والثقافات المختلفة ومبادرته الأخيرة للحوار بين أتباع المذاهب الإسلامية المختلفة وكذلك دعوته يحفظه الله الأخيرة خلال شهر رمضان المبارك لقادة الدول الإسلامية للإجتماع في مكة المكرمة لبحث الأوضاع المؤلمة التي تشهدها بعض الدول في المنطقة بهدف مواجهة تلك التحديات وتجنيب المنطقة بل العالم أي انعكاسات سلبية لا سمح الله لها ،  إلا أدلة ملموسة على شعوره يحفظه الله بالمسئولية وحرصه على نشر السلام والتعاون والمحبة بين أبناء البشرية جمعاء و تجنيب العالم  الآثار السلبية للعنف والتنازع والكراهية.. هذه الجهود والمبادرات والسياسة الحكيمة إضافة إلى ما تتمتع به المملكة من قوة اقتصادية مؤثرة لما حباها الله به من ثروات وللسياسة الحكيمة والمتوازنة التي تتبعها في إدارة تلك الثروات والتي تراعي إلى جانب مصلحتها مصالح الدول الأخرى ، وما تقدمه من مساعدات اقتصادية للدول المحتاجة (حيث تعتبر اكبر الدول التي تقدم مساعدات مقارنة بدخلها الوطني ) أكسب المملكة ثقلاً دولياُ ومكانة مرموقة وجعلها  في مصاف الدول التي يطلب العديد من دول العالم مشورتها بل ووساطتها وأكسبها ثقة واحترام دول العالم كبيرها وصغيرها ، وما اختيارها  ضمن مجموعة الدول الكبرى(مجموعة العشرين), وغيرها من المراكز الدولية المرموقة إلا أحد الأدلة على ذلك الاحترام والتقدير لها ولقيادتها ولثقلهما الدوليين .

  كما لا يفوتني الإشارة إلى ما تقوم به المملكة بفضل توجيهات القيادة الرشيدة من أعمال جليلة لخدمة القضايا الإسلامية والمسلمين في كافة أنحاء العالم - إيماناً منها بالدور الذي تتبؤه في قلب العالم الإسلامي وموقعها كخادمة للحرمين الشريفين وما يفرضه ذلك عليها من مسئولية - من تقديم العون والدعم المالي والسياسي  للمسلمين في كل مكان ودعم قضاياهم العادلة في كافة المحافل الدولية ، والوقوف معهم تجاه ما يتعرضون له من كوارث طبيعية وغيرها ، وتجدر الإشارة هنا إلى أن  الدعم الذي تقدمه المملكة للدول التي تواجه الكوارث لم يقتصر على الدول الإسلامية فقط بل تعداه إلى العديد من الدول الغير إسلامية باعتبار الطابع الإنساني الذي يميز سياستنا ، ولدينا مثال ما حدث مؤخراً في هايتي من جراء الزلزال المدمر الذي ضربها حيث كانت المملكة من أكبر الدول التي قدمت مساعدات لها.

 وفي إطار الإهتمام الكبير الذي توليه المملكة لقضايا الإسلام والمسلمين تجدر الإشارة  إلى المشاريع الضخمة التي نفذتها وتنفذها المملكة كل عام لخدمة ضيوف الرحمن من حجاج ومعتمرين لتسهيل وتيسير سبل أدائهم لشعائرهم في جو من الراحة والأمن والأمان والطمأنينة, وما التوسعة الأخيرة للحرمين الشريفين التي أمر بها سيدي خادم الحرمين الشريفين والتي تعد الأكبر في تاريخ الحرمين إلا أحد الأدلة على حرص المملكة بصفة عامة وحرصه يحفظه الله - بصفة خاصة باعتباره خادماً للحرمين الشريفين -على كل ما من شأنه راحة وخدمة ضيوف المملكة من حجاج ومعتمرين وزوار.

 

وإنني في ختام كلمتي هذه لأرفع اكف الضراعة إلى الله العلي القدير أن يحفظ بلادنا وقيادتنا وشعبنا من كل مكروه, ويديم مملكتنا المباركة شامخة مرفوعة الراية آمنة مطمئنة مستقرة مزدهرة بقيادة ولاة أمرنا وعلى رأسهم سيدي خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين, وأن يوفقنا جميعاً مواطنين ومسئولين للقيام بواجبنا وتحمل الأمانة الملقاة على عاتقنا في خدمة ديننا ومليكنا المفدى ووطننا الغالي.