الجانب الإسلامي:


دخل الإسلام الهند وانتشر فيها بوسائل عديدة وطرق شتى. وقد حكم المسلمون الهند لمدة سبعة قرون قبل سيطرة الاستعمار البريطاني عليها. ويزخر تاريخ حكمهم الطويل بالرقي والتقدم والازدهار والفتوحات والثقافات الزاهرة .
ويمكن القول ملخصاً بأن الإسلام وصل إلى الهند بثلاث طرق وهي:
أولاً: الفتوحات الاسلامية في العصور الأولى:
في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وصل المسلمون إلى ساحل الهند الغربي ومناطق تهانه (مومبائي حالياً) وغجرات عام 15هـ، وبدأ فتح السند في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه ثم في عهد الوليد بن عبد الملك (85 95هـ) حينما طلب حاكم العراق الحجاج بن يوسف الثقفي من محمد بن القاسم الثقفي السفر إلى السند وفتحه، فدخل محمد بن القاسم في عام 92هـ فاتحاً في منطقة السند ومُلتان وعمّر المساجد في المنطقة للعمل على نشر الإسلام، فبنى في الديبل (كراتشي حالياً) مسجداً كان أول مسجد بُني في هذه المنطقة ومصَّرها وأنزلها أربعة آلاف من الجنود المسلمين وبنى في الملتان جامعاً ومصَّرها أيضاً وأسلم خلقٌ كثير. وقد أحب أهل السند محمد بن القاسم الذي عاش بينهم سيرة المسلم المجاهد ورفع راية العدل الإسـلامي. وفي خلافة عمر بن عبد العزيز (99 101هـ) كتب الخليفة إلى ملوك السند ودعاهم إلى الإسلام وقد بلغتهم سيرته وعدله فدخلوا في دين الله أفواجاً وأصبحت منطقة السند معقل الإسلام في شبه القارة الهندية ونقطة انطلاقة.
ثانياً: التجارة:
ترجع صلات الهند مع العرب إلى عصور قديمة جداً، حيث كانت ترتاد قوافل تجارية عربية من عُمان وحضرموت واليمن بعض المناطق الهندية مثل السند وغجرات بهدف التجارة في التوابل وبعض الأشياء الأخرى. وقد ساعدت هذه الصلات التجارية في نشر الإسلام في شبه القارة الهندية ووصل الإسلام سواحل مالابار وسواحل إقليم السند عن طريق القوافل التجارية التي كانت تمر بالشواطئ الهندية الغربية وجزيرة سرنديب (سري لانكا) وتصل إلى الشواطئ الهندية الشرقية ومنها إلى الصين وتُعرف أهلها على الإسلام عن طريق تعامل المسلمين مع الناس وبيان محاسن الإسلام أمامهم. وكان لهؤلاء التجـار نفوذٌ كبيرٌ في سواحل الهند وكانوا يحظون بمعاملة طيبة واحترام بالغ من قبل الحكام المحليين. وبزيادة نفوذ التجار العرب المسلمين في السواحل الهندية، ازداد الإسلام انتشاراً وارتفعت نسبة العرب في بعض مناطق الهند الساحلية إلى 20 %. وكانت هذه الزيادة تعود أيضاً إلى زواج المسلمين من نساء تلك المناطق وكان أولادهم منهن يعاملون كمعاملة العرب فيزداد عدد المسلمين ويزداد بذلك انتشار الإسلام بين أهل البلاد. ولا يزال كثيرٌ من أهل "مالابار" (كيرالا) إلى اليوم يعتزون بانتسابهم إلى العرب المسلمين.
ثالثاً: الدعاة والمشايخ:
ازداد العلماء والدعاة في الهند وبصفة خاصة في القرن الخامس الهجري زيادة كبيرة، فأخذوا على عواتقهم مهمة نشر الإسلام في معظم أنحاء الهند وأدخلوا الكثير من أبناء البلاد في الدين الإسلامي الحنيف. وعمل الدعاة والمشايخ جنباً إلى جنب مع المجاهدين والتجار ولم يتركوا بقعة من الهند إلا ودخلوها وكثيراً ما أقنعوا الأمراء المحليين بالإسلام مما أدى إلى اعتناق عدد كبير من الناس الإسلام. وبدأ الدعاة عملهم بشواطئ الهند أولاً ثم انتقلـوا إلى داخل البلاد في هضبة الدكن واستقر عددٌ من العرب في الدكن.
والحقيقة أن الهند كانت ولقرون عديدة واحدةً من مراكز الإسلام الثلاثة الرئيسية إلى جانب الإمبراطورية العثمانية وإيران وساهمت إلى حدٍ كبير في تطوير الفكر والعلوم الإسلامية.
ولا شك أن معطيات الإسلام في شبه القارة الهندية وأفضاله على هذه المنطقة كثيرة ومتنوعة وفي جميع مجالات العلم والثقافة والمدنية والاجتماع والسياسة والاقتصاد. وقد اعترف بذلك معظم المؤرخين وكبـار زعماء الهند. كما يمكن لأي زائر أن يلحظ على الفور نمط الحياة الإسلامية في الهند، حيث تنتشر في أنحائها آلاف المعالم الإسلامية بما فيها تلك الشهيرة "تاج محل" في مدينة آغره وما تحتويه سائر المدن كالعاصمة دلهي وحيدرآباد ولكناؤ وعليجره وبوفال من معالم وآثار إسلامية عديدة. وكذلك فإن الإسلام موجود بقوة في اللغات والآداب الهندية وتتضمن معظم مفردات اللغات الهندية بما فيها الهندية والأردية والكشميرية ولغة البنجاب بنسب تتراوح بين 40 إلى 80 في المائة عبارات فارسية وعربية وتركية. ولا يخفى كذلك أن الهند تحتفظ بثروة كبيرة من المخطوطات التاريخية الفارسية والأردية والعربية والتركية التي ما زالت بحاجة للتنقيح والنشر
 

الجانب الاقتصادي:


للهند تقاليد ثقافية عريقة وفريدة من نوعها، ولازلت مظاهرها ماثلة للعيان إلى أيامنا هذه. نظرا لتاريخها الحافل انصهرت ثقافات الشعوب الغازية على مدار القرون واندمجت مع المجتمع المحلي. ترجع العديد من التقاليد الثقافية (كالاحتفالات) والمعالم القائمة حاليا، على غرار تاج محل وغيره من نماذج العمارة الاسلامية إلى عهد الأباطرة المغول. المجتمع الهندي مجتمع ذو أعراق، لغات وثقافات متعددة. تشكل الأعراف الدينية جزءا من الحياة اليومية للمجتمع الهندي. تعتني العائلات من الطبقات الوسطى بتعليم أبناءها. لا زالت التقاليد العائلية المحافظة راسخة بين أوساط المجتمع، رغم أن بعضا من أبناء العائلات الحضرية تحاول أن تشق لها طريقا وسطا بين هذه التقاليد ومتطلبات الحياة العصرية.
تتخذ الممارسات الدينية في الهند طابعا عاما، وتتم غالبا في شكل احتفالي مليء بالألوان. من أشهر الاحتفالات التي تقام في البلاد، طقوس ديوالي، هولي، ودوسيرا. يقوم الناس ومن جميع المعتقدات بالاحتفال بموسم الحصاد (بونغال) في ولاية تاميل نادو.
للموسيقى الهندية العديد من الطبوع والأصناف. من أهم أصناف الموسيقى التقليدية، الكارناتيك، والذي ينتشر في جنوب الهند، ثم الهندوستاني وهو طبع ينتشر في الشمال. إلى جانب الموسيقى التقليدية تنتشر نوع موسيقى يحظى بشعبية كبيرة، و يُكسب ها النوع الأفلام السينمائية الهندية طابعها الخاص. بالإضافة إلى هذه الطبوع توجد في كل منطقة أنواع محلية من الموسيقى. هناك عدة أنواع من فنون الرقص - بهاراتاناتيام، أوديسي، كوتشيبودي... وغيرها. تتخذ هذه الفنون طابعا يغلب عليه السرد (على غرار الملاحم الهندية) وغالبا يتم إدراج عناصر وشخصيات مقدسة وغيرها.
كان الأدب الهندي يتم تناقله بطريقة شفوية في البداية ثم تم تدوينه في مرحلة ثانية. جاءت أغلب مصادره من الكتابات الهندوية القديمة، على غرار الكتب المقدسة كالـ"فيدا" و ملاحم "ماهابهاراتا" و "رامايانا". يعتبر أدب السانغام، وهو نوع من الآداب تعرف به منطقة التاميل نادو، أقدم أنواع الآداب العامية في الهند. برز العديد من الكتاب الهنود في العصر الحالي، ويغلب عليهم استعمال اللغتين الهندية والإنكليزية، يعتبر رابندرانات طاغور، الحائز على جائزة نوبل للآداب، والذي يكتب باللغة البنغالية، أشهرهم على الإطلاق.

تنتج الهند أكبر عدد من الأفلام سنويا في العالم. وتعتبر بوليوود من أشهر أوجه هذه الصناعة، ، يقع مقرها في مومباي (بومباي سابقا)، وتقوم بإنتاج العديد من الأفلام التجارية بالدرجة الأولى. إلى جانب أفلام بوليوود والتي تنتج بلغة الهندو، هناك العديد من الصناعات الأخرى والتي تقوم بإنتاج أفلام باللغات المحلية الأخرى: البنغالية، مالايالام، تاميلية و تولوغو. يعد المخرج البنغالي ساتياجيت راي (
Satyajit Ray) أشهر شخصية في تاريخ السينما الهندية.
يشكل الأرز والحنطة (وتُتخذ في شكل خبز) عماد الغذاء الهندي. المطبخ المحلي متنوع، وتختلف المكونات، التوابل، وطرق الطهي من منطقة إلى أخرى. تتميز البلاد بمأكولاتها النباتية المتعددة. توجد أنواع مختلفة من الملبوسات التقليدية، وتتنوع في ألوانها وأشكالها من منطقة إلى أخرى. الساري وقميص سالوار يشكلان اللباس التقليدي للنساء.
الحياة الاقتصادية
تشكل تكنولوجيا المعلومات واجهة الاقتصاد الهندي الحديث، وتعد أسرع القطاعات نمواً. تعد حيدرآباد وبنقلور وبونا من أهم مراكز التكنولوجيا المعلوماتية في الهند، وأكبر دليل على تقدم الهند في هذا المجال أن كثيراً من الدول الغربية تقوم بتوظيف العمالة الهندية لمشاريعها المختلفة الخاصة بتكنولوجيا المعلومات. ويحتل الاقتصاد الهندي المركز العاشر عالمياً من حيث تبادل العملات، والرابع من حيث معادل القوة الشرائية (PPP). وتعتبر مدينة مومباي المركز المالي للبلاد، ويوجد بها مقر مصرف الهند المركزي، وسوق المال (البورصة) .
كانت الزراعة وإلى سنوات خلت المحرك الرئيس للاقتصاد، وعرفت الهند معها الاستقلال الاقتصادي. ومن القطاعت الأخرى المهمة: التعدين، البترول، صقل الماس، الأفلام، خدمات تكنولوجيا المعلومات، المنسوجات، الحرف اليدوية. تتركز أكثر المناطق الصناعية حول المدن الكبرى. وفي السنوات الأخيرة برزت الهند كأهم متعامل عالمي في مجالي البرمجيات وإدارة الأعمال. وتتواجد العديد من الشركات الصغيرة الحجم والتي توفر فرص عمل دائمة للعديد من المواطنين في المدن والقرى الصغيرة. وعلى الرغم من أن عدد السياح لا يزيد عن الثلاثة ملايين سنويا، إلا أن مدخولات قطاع السياحة تشكل جزءاً مهماً من الدخل القومي. ومن أهم الشركاء التجاريين للهند: الولايات المتحدة الأمريكية، اليابان، الصين، والإمارات العربية المتحدة .
من أهم صادرات الهند: المنتجات الزراعية، المنسوجات، الأحجار الكريمة والمجوهرات، وخدمات وتقنيات البرمجة، والمنتجات الكيماوية والجلدية، بينما تشمل أهم البضائع التي تستوردها: النفط الخام، والآلات، والأحجار الكريمة، والأسمدة والكيماويات
 

الجانب السياسي:


​جاء في الدستور أن الهند جمهورية ديمقراطية وعلمانية ذات سيادة. نظامها السياسي جمهوري ذو طابع إتحادي، يتشكل البرلمان من غرفتين تشريعيتين، لهما نظام وضع على شاكلة النظام البرلماني البريطاني (ويستمنستر). نظام الحكم في الهند ذو ثلاثة هيئات: تشريعية، تنفيذية وقضائية.

الرئيس هو أعلى سلطة تمثيلية في هرم الدولة، وتعتبر صلاحيته شرفية فقط. يتمثل دوره في الدفاع عن الدستور، المصادقة على القوانين وإصدار مراسيم العفو. يعتبر القائد الأعلى للقوات المسلحة. يتم انتخاب الرئيس ونائبه بطريقة غير مباشرة عن طريق هيئة انتخابية لعهدة واحدة مدتها خمس سنوات. رئيس الوزراء هو رأس الحكومة، ويملك أغلب السلطات التنفيذية. يختاره نواب الحزب الحاكم أو أحزاب التحالف التي تملك الأغلبية البرلمانية. لا ينصُ الدستور على اختيار رئيس الوزراء من بين نواب البرلمان، على أن هذا كان حال بعض من تولوا هذا المنصب.

البرلمان هو الهيئة التشريعية في الهند، يتألف من غرفتين، الغرفة العليا (مجلس الدولة) وتسمى "راجيا سابها"، والغرفة السفلى (مجلس الشعب) وتسمى "لوك سابها"، تختار الهيئة الانتخابية الأعضاء الـ245 لمجلس الدولة، وتمتد عهدتهم إلى ست سنوات. يتم انتخاب الأعضاء الـ552 للغرفة الثانية عن طريق الاقتراع العام لمدة خمسة أعوام، وتتحدد عن طريق هذا المجلس مختلف القوى السياسية وكذا التشكيلة الحكومية. يحق لأي مواطن هندي يبلغ الثامنة عشر من العمر الانتخاب.

تتشكل السلطة التنفيذية من الرئيس، نائب الرئيس، ومجلس الوزراء والذي يترأسه رئيس الحكومة نفسه. ينبغي على أي من الوزراء ذوي الحقائب أن يكون عضوا في إحدى غرفتي البرلمان. في النظام البرلماني الهندي، تخضع الهيئة التنفيذية للهيئة التشريعية.

للهند نظام قضائي مستقل، يمثله رئيس المحكمة السيادية (أو العليا) الهندية، وهي أعلى الهيئات القضائية. تتمتع المحكمة السيادية بحق النظر في قضايا المنازعات تحدث بين الولايات الاتحادية والسلطة المركزية، وكذا صلاحية نقض قرارات المحاكم العليا الهندية. هناك ثمانية عشر (18) محكمة عليا في الهند، بعضها له صلاحيات على عدة ولايات اتحادية، وبعضها الأخر على ولاية واحدة فقط (الولايات الكبرى). يتم الاحتكام إلى رئيس الدولة في حال وجود خلاف بين الهيئة التشريعية والهيئة القضائية. يحمي الدستور الهيئات المستقلة على غرار هيئة الانتخابات الهندية، هيئة النيابة العامة الهندية، هيئة المراقبة والمحاسبة العامة.

التقسيمات الإدارية
تنقسم الهند إلى ثمان وعشرون ولاية -وتنقسم هذه بدورها إلى مناطق-، ستة أقاليم اتحادية، وإقليم العاصمة الوطنية لدلهي. لكل ولاية حكومتها الخاصة المنتخبة، بينما تقوم الحكومة الاتحادية بتعيين حكام الأقاليم الاتحادية