قبل أكثر من ثمانين عاما، قاد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، طيب الله ثراه، 63 رجلا من اقاربه ورجاله الأوفياء في معركة جريئة استعاد من خلالها مدينة الرياض، وتلا ذلك في 23 سبتمبر 1932 إعلان الملك عبد العزيز عن توحيد أكثر من ثلثي شبه الجزيرة العربية وبالتالي تاسيس المملكة العربية السعودية.
إن التطلع إلى المستقبل يجعلنا نمعن النظر إلى الثمانون عاما الماضية، فبفضل الله ثم حكمة وبعد نظر مؤسس المملكة العربية السعودية ومثابرة أبنائه من بعده وولاء شعبه جرى تجاوز التحديات بكل حكمة وحنكة، وتمت الاستفادة من الفرص والموارد لصالح المواطن السعودي.
لذلك، فإننا ننظر إلى الماضي بكل اعتزاز على انجازاتنا، كما أننا ندرك كيف نستفيد من تجاربنا السابقة بشكل أفضل للمحافظة على الموارد والفرص من أجل الغد.
وخلال الثمانون عاما الماضية، انتقل مجتمعنا من مجموعة منقسمة من القبائل إلى دولة موحدة وآمنة ومستقرة واقتصاد مزدهر لعشرات الملايين من المواطنين.
وخلال الأعوام الثمانون الماضية، انتقلت المملكة العربية السعودية من دولة في شبه جزيرة معزولة نسبيا عن التأثير خارج حدود شواطئها وأصبحت مركز العالم الإسلامي، وكسبت من خلال ثقلها الاستراتيجي ثقة العالم كشريك لقاطرة النمو الاقتصادي والمالي واحد اهم موردي الطاقة على مستوى العالم ودولة نشطة ومعتدلة سياسيا حيث يبرز قادتها في طرح المبادارت الأممية الهامة والمشاركة في تمويل وتقديم القروض الميسرة لمشاريع التنمية في العديد من دول العالم.
وقد واجهت المملكة العربية السعودية منذ ثمانين عاما تحديات نبعت من وجود عدد من المتناقضات مثل الوفرة والفقر، والإيمان الصحيح والتطرف والحكمة في اتخاذ القرار وهذا لا يعني عدم وجود بعض الأخطاء العفوية، إلا أننا وعلى الرغم من ذلك نجحنا في استغلال الثروة ونجحنا أيضا في إدارتها.
فحكومة المملكة العربية السعودية في ظل القيادة الحكيمة والرشيدة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين، حفظهما الله، تكرس كل جهدها لبناء مجتمع قائم على تعاليم الإسلام الحقيقية، فيما تكافح في نفس الوقت قوى التطرف والكراهية والانقسام.
ولذلك، فقد تم وضع أنظمة تشريعية واجتماعية تحفظ ارثنا ولكننا حريصين في نفس الوقت على الاستماع للاقتراحات والأراء من المواطنين والتي تعني بالمزيد من التقدم والتطور للمجتمع.
واستطاع المجتمع السعودي أن يحدث نقلة في منطقة كانت قبل ثمانين عاما عبارة عن منطقة صحراوية نائية إلى مجتمع يضم المدن والمدارس والمستشفيات والمصانع ومعامل التكرير والنقل البحري والموانئ والمطارات والطرق السريعة.
كما استطعنا تعزيز مكانة ودور المنظمات الخيرية بشكل منظم، وإنشاء شبكات الاتصالات والملاعب ومراكز التسوق والكثير الكثير من وسائل الحياة الحديثة.
باختصار، استطاعت المملكة العربية السعودية أن تبدأ من الصفر وأن تصل في أقل من قرن من الزمان إلى دولة حديثة فيما استلزم ذلك دول صناعية أخرى أكثر من قرنين من الزمن.
وأستطعنا خلال ثمانين عاما من تعزيز مناخ سياسي واقتصادي واجتماعي مستقر ومتطلع بشكل دائم إلى الأمام وإلى المستقبل. وهذا لا يعني توقف العمل وعدم وجود المزيد مما يتعين القيام به بل على العكس فإن المملكة تستمر في إعطاء كل الاهتمام والتركيز على الإدارة الحكيمة لموارد البلاد.
وأجد اليوم الكثير من السعوديين الذين يعملون بكل جهد واخلاص من أجل خدمة بلادهم نحو المزيد من التقدم وهذا أمر يدعو للفخر وأنا بالفعل فخور بهم وآمل أن نكون أوفياء للإرث الكبير الذي تركه مؤسس المملكة العربية السعودية وأن نساعد على استقرار وازدهار وتقدم البلاد التي كافح المؤسس ورجاله من أجلها.
وفي الختام، أشكركم جميعا على حضوركم اليوم ومشاركتنا احتفائنا بيومنا الوطني.