بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحديث عن شخصيةٍ كبيرةٍ كخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل –حفظه الله – الذي جعل كل إمكاناته وطاقاته خدمةً لدينه ووطنه وأمته لهو أمرٌ لا يمكننا اختزاله في مقالٍ ننشره، فخلال خمس سنوات ميموناتٍ منذ توليه زمام الأمور في المملكة. نال قلوب شعبه وذلك جزءٌ من حب المواطن لقيادته، ثم نال احترام العالم بسياسته الواضحة التي كانت أول من طبق عليها – حفظه الله – الشفافية لتكون أنموذجاً للعمل الوطني في باقي المؤسسات الحكومية، فمحاربة الفساد وبصورة علنية، وارتفاع درجة القبول بالرأي الآخر، وتعزيز سياسة الباب المفتوح، واتساع دائرة النقد البنّاء وغيرها من الصور الموثقة، كلها من علامات الشفافية التي تقوم على مبدأ الاعتراف بالخطأ الذي هو أول خطوات الصعود إلى الأمام ومواجهة المستقبل بجاهزيةٍ أكثر وأقوى. ففي الصعيد المحلي نجد أن الفترة القصيرة الماضية،منذ بداية عام 2006م، قد حفلت بالعديد من القرارات الريادية التي كان هدفها خدمة المواطن وتسيير أموره، ويأتي في مقدمتها توسيع السوق الاقتصادية مما جعل الاقتصاد السعودي محل استقطاب دول العالم الكبرى، وهذا ظهر جلياً من خلال زياراته – حفظه الله – إلى الصين والهند وماليزيا وباكستان وتوقيع اتفاقيات شراكة إستراتيجية هدفها خدمة الاقتصاد السعودي وزيادة توسعه مما رفع من أهميته عالمياً. ولم يتوقف اهتمام خادم الحرمين الشريفين على الشأن الاقتصادي وتأكيد مكانة المملكة خليجياً وعربياً وعالمياً.. بل رأينا خلال العام الأول من البيعة قرارات على المستوى الاجتماعي هدفها تحسين الخدمات الاجتماعية لمختلف الفئات وتطوير أداء هذه الفئات بما يكفل لهم حياة كريمة وكان آخر هذه مبادراته الخيّرة- حفظه الله- التي جاءت لذوي الدخل المحدود من خلال صندوق استثمار أموالهم وضمان رأس المال لهم. وخادم الحرمين الشريفين هو الإنسان الذي يبذل كل غال ونفيس من أجل خدمة المواطنين ويستثمر جل وقته في حل مشاكلهم ومساعدتهم وجلب النفع لهم، ولأن رفاهية المواطن وبناء الإنسان السعودي مطلباً ملحاً وهاجساً دائماً لدى خادم الحرمين الشريفين حفظه الله. واتساقاً مع هذا المطلب الوطني والقيادي جاءت جملة من القرارات الكريمة التي تصب في صالح الإنسان السعودي تدريباً وتأهيلاً ورفاهية وتنمية شاملة كالتوجه إلى ابتعاث مجموعة من الطلبة السعوديين إلى الدراسة والتدرب في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا ونيوزلندا واليابان ودول أخرى، وتخصيص مبالغ طائلة لتشييد المساكن ودعم الصندوق العقاري والصناديق الاستثمارية السعودية المختلفة وإنشاء الجامعات " كجامعة كاوست" والمدن الاقتصادية كمدينة الملك عبدالله الاقتصادية برابغ ومدينة المعرفة بالمدينة المنورة ومدينة جيزان الاقتصادية، وزيادة رواتب العاملين في الدولة (مدنيين وعسكريين) بنسبة 15% وهذه الزيادة الأولى منذ (25) عاماً. وتعد هذه القرارات التاريخية لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز- حفظه الله- تدشيناً لمرحلة مباركة في سبيل البناء الداخلي، عناية بالمواطن، واهتماماً بالوطن وتلمساً لرقيه ورفاهيته ورغبة في بنائه وإدراكاً لأهمية التنمية المستدامة التي من أولوياتها بناء الإنسان تدريباً وتعليماً ورفاهية. وعلى الصعيد الخارجي دأبت المملكة في عهد خادم الحرمين الشريفين – أيده الله – على مد جسور التعاون مع الدول النامية لتحقيق أهدافها؛ وبادرت بتقديم العون الإنمائي الميسر لهذه الدول عن طريق الصندوق السعودي للتنمية؛ الذي شارك في تمويل 16 مشروعاً تنموياً في 15 دولة نامية بمبلغ إجمالي تجاوز 1.168 مليار ريال؛ وتوزعت هذه المشاريع على عدة قطاعات حيوية، بالإضافة إلى مواقف الملك عبدالله بن عبد العزيز تجاه القضايا العربية والإسلامية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية ودعمها سياسياً ومادياً ومعنوياً؛ بالسعي الجاد والمتواصل لتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني لإقامة دولته المستقلة على أرضه، وفي مجال الحوار بين أتباع الأديان والثقافات والحضارات ونبذ الصدام بينهم وتقريب وجهات النظر؛ دعا خادم الحرمين الشريفين في أكثر من مناسبة إلى تعزيز الحوار بين أتباع الأديان والثقافات والحضارات المختلفة فدعى لعقد مؤتمرٍ دولي لحوار الأديان في مدريد فكان له ذلك؛ أكّد فيه على ضرورة تعميق المعرفة بالآخر وتأسيس علاقات على قاعدة الاحترام المتبادل واستثمار المشترك الإنساني لصالح الشعوب. ونسأل الله تعالى أن يمد في عمره وأن يوفقه لخدمة دينه ووطنه وأمته، وأن يجزيه عنّا وعن الإسلام والمسلمين كل خير.